الاستراتيجيات الأمريكية والتحالفات الدولية: عرض ونقد وتقييم

الاستراتيجيات الأمريكية والتحالفات الدولية: عرض ونقد وتقييم

9340
0

2016

د. أكرم حجازي

الفصل الأول: استراتيجيا الأمن القومي الأمريكي
مدخل في تحولات الإستراتيجية الأمريكية
   لعقود طويلة، ظلت الولايات المتحدة الأمريكية، ولمّا تزل، تحقق بحسب مساعد وزير الدفاع ورئيس مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي، Joseph S. Nye، « تفوقا» مستمرا، يمكن الاستدلال عليه عبر معايير قابلة للقياس، تتعلق بما يسميه: « موارد النفوذ الثلاثة: العسكرية والاقتصادية والقوة الناعمة»[1]؛ « تفوق» .. لم تستطع أية قوة على وجه الأرض أن تبلغه من قبل، إلى أن أنتج ما يمكن تسميته بـ « الدولة – العالم» بامتياز. وحتى لو شاركتها دول أخرى في هذا التفوق، إلا أن تمتعها بامتيازات جيوسياسية واقتصادية واجتماعية مميزة يجعل من تفوقها فريدا في الكم والنوع، حتى لو ناظرتها، جدلا، قوىً عسكرية واقتصادية أخرى، سواء بحجم أوروبا أو روسيا أو الصين.
   تبعا لهذه المكانة من الطبيعي أن يمتد الأمن القومي الأمريكي إلى حيث تمتد مخرجات التفوق في العالم. وبالتالي فالولايات المتحدة من المفترض، وفقا لمكانتها، أن تتحمل من المسؤولية في الداخل الأمريكي بقدر ما تتحملها في الخارج. وهذا يعني بالضرورة أن أي تقدم أو تراجع في الداخل لا بد وأن ينعكس على النفوذ في الخارج، بحيث يزيد أو يقلص من حدود الهيمنة دون أن ينال الانحسار، بالضرورة، من مستوى التفوق. وهنا بالضبط يكمن جوهر أي استراتيجيا أمريكية قومية.
    بقطع النظر عن مشروعيتها أو تداعياتها أو أية مواقف مؤيدة أو معارضة، أو أية اعتبارات أخرى، تبقى هجمات 11 سبتمبر 2001 بالنسبة لإستراتيجية الأمن القومي الأمريكي لسنة 2010 بمثابة: « التهديد المباشر الذي مثلته تلك الهجمات الأكثر فتكا على الإطلاق التي وقعت على التراب الأميركي»[2]، باعتبارها أول تجرؤ من نوعه ينال من رموز الهيمنة والتفوق، في عقر دار أعتى قوة في التاريخ، وأول مؤشرات التراجع. فما الذي يدفع مجموعة مطاردة، ومحاصرة من كل جانب، للتفكير في ( أو التجرؤ على) استباحة قوة قادرة على مسح الأرض عن الوجود مئات المرات، دون أن تلقي بالا لأية ردود فعل منها؟ وفي المقابل؛ هل ثمة جدوى من رد الإهانة باستعمال أفتك أدوات القوة ضد مجموعة مقاتلة!؟ هذه هي المعادلة المحيرة التي أفرزها التساؤلين، وسط هيمنة قيمية مطلقة على العقل. إذ أن ردود الفعل الأمريكية كانت عاطفية أو قيمية أو أيديولوجية أكثر بكثير مما كانت عقلانية.
   فحين وقعت الهجمات كانت الولايات المتحدة في ذروة قوتها وهيمنتها. ولأنها تعاملت مع الحدث كـ « إهانة» جارحة للغاية، فلم يكن ثمة تغيير في استراتيجياتها القومية إلا فيما يتعلق بالإستراتيجية الدفاعية، التي تحدثت عن « مكافحة الإرهاب». لكن فيما يتعلق بالتدخلات العسكرية المباشرة، فلم يجر التفكير بأي تقييم أو تغيير في الإستراتيجية، بقدر ما تفاقمت حدتها عبر مهاجمة أفغانستان واحتلالها ثم التحضير، بلا مبرر إلا من سيل الأكاذيب، لغزو العراق، بعيدا عن أية قوانين أو قواعد دولية تذكر، فضلا عن التفكير في المصالح  والمآلات. هذا ما شهد به القائد العام السابق للقوات الأمريكية في أوروبا، والقائد العام لحلف الناتو 1997 – 2001، وأحد المرشحين الديمقراطيين لسباق الرئاسة سنة 2004، الجنرال ويسلي كلارك[3]، في مؤتمر « الديمقراطية الآن»، خلال مقابلة تلفزيونية في 2/3/2007، كشف فيها عن مذكرة تظهر أن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش الابن، خططت للسيطرة على سبع دول في ظرف خمس سنوات، هي العراق وسوريا ولبنان وليبيا والصومال والسودان وإيران.
    كانت النتائج بالغة السلبية على نفوذها ومكانتها؛ لأن الولايات المتحدة لم تلجأ إلى ترجمة « التساؤلين» إلى لغة استراتيجية تسترشد بها. وما بين سنتي 2010 و 2015 أصدرت الولايات المتحدة إستراتيجيتين للأمن القومي. لكن السؤال ليس فيما إذا نجحت أمريكا بهما في تجاوز منطق الأيديولوجيا؛ بل فيما إذا أضحت الأيديولوجيا هي المنطق الوحيد الذي تصاغ به الاستراتيجيات الأمريكية؟ وفي الكم الهائل من التناقضات التي لا تجد لها تفسيرا لدى المؤيدين والمعارضين لسياسات الرئيس الأمريكي إلا « التخبط» و « الإرباك».
    ثمة إقرار أمريكي، وغير أمريكي، بتراجع « الدور القيادي» الذي تلعبه الولايات المتحدة على مستوى العالم، وما يوازيه من إقرار بتراجع في « المكانة» التي تتمتع بها. وهو تراجع يلقي بثقله على مضمون الإستراتيجية القومية، وما دونها من الاستراتيجيات التي تسترشد بها. أما النقاشات الدائرة حول الإستراتيجية القومية لسنة 2015 فجاءت بمثابة الصدى لتلك « النقاشات» الدائرة حول مكانة أمريكا ومصير النظام الدولي، والتي تدور رحاها بالأساس في أمريكا وأوروبا.
     لكن سواء كان التراجع بفعل عوامل خارجية أو داخلية، فسوف يظل في النهاية خصما من المكانة والنفوذ. والسؤال هنا: ما هو مقدار التراجع؟ وما هو مستوى الخصم؟ وهل سيؤديان إلى نوع من الانزواء، بما يكفي لإعادة الولايات المتحدة إلى عزلتها عن العالم؟ أم إلى نهاية الدور الأمريكي؟
  كان سقوط الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، وكذا الاتحاد السوفياتي، وسيادة الأحادية القطبية، من أبرز تداعيات حرب الخليج الثانية سنة 1992. وفي تلك الفترة كان هناك إستراتيجية أمريكية كتب عنها السفير ومساعد وزير الخارجية الأمريكية،  Martin S. Indyk، في مقالته: « عودة إلى لعبة الشرق الأوسط[4] – 17/2/2015»، قال فيها:
     « كان للولايات المتحدة إستراتيجية للشرق الأوسط عرفت بإستراتيجية الأعمدة، وأساسها العمل مع القوى الإقليمية الملتزمة بالحفاظ على الوضع القائم – إيران والسعودية وإسرائيل وتركيا». لكن « بعد عام 1992، حين أصبحت الولايات المتحدة القوة المسيطرة ... تبنّى بوش، المولود عام 1941، وكلينتون المولود عام 1942، إستراتيجية واضحة ومتوسّعة للحفاظ على الاستقرار، تضمنت ثلاثة مكونات:
  1. السلام الأمريكيحل شامل تدعمه أمريكا للصراع العربي الإسرائيلي؛
  2. الاحتواء الثنائي لاثنتين من قوى المراجعة – العراق تحت حكم صدام حسين وإيران تحت حكم آيات الله؛
  3. الاستثنائية العربيةتم إعطاء المستبدين العرب، شركاء أمريكا في الحفاظ على نظام الشرق الأوسط، إشارة خضراء عندما يتعلق الأمر بمعاملة مواطنيهم». لكن « الاستثنائية العربية ساعدت على إنتاج الثورات العربية التي اجتاحت المنطقة» …
  ويعلق السفير Indyk على هذه الإستراتيجية بالقول:
     « في سياق الحفاظ على النظام فإن الإستراتيجية عملت بشكل جيد لمدة عقد، لكن كل شيء تساقط في أعقاب 11 سبتمبر؛ (حيث) هجرت الولايات المتحدة الاحتواء في سياق تغيير الأنظمة، مسقطة صدام حسين، بتهور فتح الأبواب من بغداد إلى إيران، كما توقفت عملية السلام العربية الإسرائيلية، وقاومت بعناد المحاولات المتعددة لإعادتها للعمل … وخلال تلك العملية انهار النظام القائم، وتم استبداله بأنظمة فاشلة، ومناطق غير محكومة، وصعود القاعدة وداعش. لا يجب أن يشعر المرء بحنين للنظام القديم: لقد كان استقراره كثيرًا ما يؤدي إلى صراعات وانقلابات، كما كان ثمنه هو القمع. وقد جلب انهيار النظام القديم ثلاثة صراعات إلى الصدارة، يغذي بعضها بعضًا، وتخلق الاضطراب الحاد في جميع أنحاء المنطقة».
     وفقا لشهادة Indyk؛ فقد بدت الولايات المتحدة آنذاك أشد عدوانية وغطرسة من أي وقت مضى. لكن بعد مضي أقل من عام على هجمات 11 سبتمبر؛ وأمام تجمع مناهض للحرب في ولاية شيكاغو في أكتوبر سنة 2002، وخلال الإعداد لغزو العراق واحتلاله، حدد الرئيس الأمريكي الجديد، باراك أوباما، بعبارته الشهيرة موقفه من الحرب قائلا: «I don’t oppose all wars. What I am opposed to is a dumb war. What I am opposed to is a rash war. = أنا لا أعارض الحروب لكني أعارض الحرب الغبية والمتهورة»[5]. كان على « العبارة» أن تنتظر ست سنوات ليجري استعادتها على أوسع نطاق.
    أما قيمة « العبارة» فتكمن في أن (1) أوباما وقتها لم يكن معروفا في الساحة السياسية الأمريكية، وأن (2) الساحة السياسية والمجتمع الأمريكيان كانا يتميزان غيظا، جراء ما ألحقته بهما هجمات 11 سبتمبر من إذلال، وأن (3) حكام الولايات المتحدة آنذاك ممن عرفوا بـ « المحافظين»، كانوا غارقين في قيادة بلادهم عبر الأيديولوجيا، وأن (4) مثل هذه « العبارة» لن تجد لها صدى يذكر إلا لدى أولئك القلة المناهضة للحرب، وأن (5) « العبارة» سبقت انتخابه عضوا ديمقراطيا في مجلس الشيوخ الأمريكي سنة 2004. وأنه (6) احتاج بعدها إلى أربع سنوات كي يصل إلى الرئاسة الأمريكية. فهل يمكن لـ « العبارة»، في مثل هذه الظروف، أن تجد لها حيزا خارج نطاق الأيديولوجيا!!؟ ربما، للوهلة الأولى وحتى الثانية، تبدو الإجابة كذلك. إذ أنه للوهلة الأولى يتبين أن (1) نمط التفكير هذا؛ لدى الرئيس الأمريكي قديم، وهو نمط ينزع إلى حد ما إلى الأيديولوجيا. وفي الوهلة الثانية (2) تبدو أطروحته هذه ردا أيديولوجيا صريحا على المحافظين الجدد، أمثال بول وولفويتس وريتشارد بيل ودونالد رامسفيلد وبوش الأب والابن.
    فإذا قبلنا، مبدئيا، بأطروحة الأيديولوجيا، وقمنا بتفكيك إستراتيجية 2010 وحتى 2015 لوجدنا أنهما، بأدق تفاصيلهما، انعكاس لفكر أوباما، والفريق المحيط به والشبيه بـ « المحافظين الجدد»[6]، وليس تعبيرا عن مسألة أمن قومي يعلو أية آراء شخصية. ولو تتبعنا سلسلة الوثائق الإستراتيجية، الأدنى منزلة، لما اختلفت النتيجة أبدا. وفي كل الحالات سيكون صعبا جدا الوقوف على حقيقة السياسة الأمريكية التي يكتنفها الغموض شبه التام، بسبب شدة المفارقات إنْ لم نقل التناقضات، التي يرجعها البعض إلى تضخم مجلس الأمن القومي[7] في عهد أوباما بصورة غير مسبوقة بحيث وصل التنافس فيه إلى حد الفوضى العارمة.
  مع ذلك؛ فالأيديولوجيا ليست إلا انعكاسا، سلبيا أو إيجابيا، للواقع. ولكونه ديمقراطيا فلن يخرج أوباما في سياساته واستراتيجياته عن المنطق الوظيفي الذي تدار به الولايات المتحدة. فلما يكون الجمهوريون في الحكم فالتركيز غالبا ما يكون على السياسة الخارجية، حيث الهيمنة الدبلوماسية، والدفاع، حيث تجد الحروب لها حيزا لممارسة « الصيد» و « القنص». ولما يكون الديمقراطيون في الحكم سيكون التركيز على « الأمن» و « الاقتصاد». هذه هي المعادلة التي تحكم الولايات المتحدة، وتؤدي إلى التداول السلس على السلطة بين ثنائية حزبية لا ينازعها أحد، لأنها تقوم على تلبية احتياجات أمريكا وليس احتياجات الحزب. فالجمهوريون لا يذهبون للحروب إلا باقتصاد جيد، مثلما أن الديمقراطيين لا يصلون إلى السلطة دون أن تتوفر لهم الفرصة لمعالجة مخلفات حروب الجمهوريين في الأمن والاقتصاد. كل هذا سنجد ترجماته في استراتيجيات الأمن القومي في عهد الديمقراطيين.
   لكن قبل التوقف عند التحولات الكبرى التي تثيرها استراتيجيات الأمن القومي، ينبغي ملاحظة التراتبية في الاستراتيجيات، كما عرضها Peter D. Feaver في مقالته التي علق فيها على استراتيجيا الأمن القومي لسنة 2015: « كيف تقرأ الإستراتيجية العسكرية الوطنية الجديدة لأمريكا[8] – 6/7/2015»؟، ولفت فيها الانتباه إلى « عدة وثائق تتسق مع بعضها بشكل منطقي، ويجري إعدادها بصورة متزامنة أو غير متزامنة» بسبب التنافس بين المجموعات
 والوكالات المتخصصة. وهي على التوالي من حيث الأهمية:
  • « إستراتيجية الأمن القومي، .. يوقعها الرئيس، وتوضح الأهداف الأوسع وتناقش كيفية تكامل جميع عناصر القوة الوطنية من أجل تحقيق تلك الأهداف».
  • « إستراتيجية الدفاع الوطني، .. يوقعها وزير الدفاع، وتركز على دور وزارة الدفاع في تطبيق الإستراتيجية المصاغة في إستراتيجية الأمن القومي. وتنشر … أحيانا كوثيقة قائمة بذاتها، لكنها توصف كجزء من تقرير مراجعة الدفاع الرباعية».
  • « الإستراتيجية الوطنية العسكرية، … تركز على دور الجيش النظامي في دعم إستراتيجية الدفاع الوطني وإستراتيجية الأمن القومي».
  • « استراتيجيات الخدمة الفردية .. تركز على أدوار، القوات الجوية، والبحرية، والبرية».
المبحث الأول
استراتيجيا الأمن القومي لسنة 2010
    وفقا لنص « تقرير مراجعة استراتيجيا الأمن القومي لسنة 2010 » سنلحظ سلسلة متغيرات تتعلق بـ (1) الدور الأمريكي في النظام الدولي القائم والمنشود، وكذلك (2) الحاجة إلى تجديد القيادة الأمريكية، ثم (3) الأمن القومي وماهية العدو، ومسألة (4) الالتفات إلى الداخل.
     تكاد كلها تتمحور حول هجمات 11 سبتمبر، والخطر الذي يشكله تنظيم « القاعدة» على الأمن القومي والدولي. ففي أول فقرة من التقرير تقول الإستراتيجية: « في مطلع القرن الحادي والعشرين، تواجه الولايات المتحدة الأميركية مجموعة واسعة ومعقدة من التحديات لأمننا القومي. وكما أن أميركا ساعدت على تحديد مسار القرن العشرين، علينا أن نبني الآن مصادر قوة أميركا ونفوذها، وأن نصوغ نظاما دوليا قادرا على التغلب على تحديات القرن21».
    لكن التقرير يرى في العقدين اللذين أعقبا نهاية الحرب الباردة، وإنْ شهدا تطورات سياسية واقتصادية وحقوقية، أن « القوى الكبرى أصبحت تعيش في حال سلام الآن»، إلا أنه ثمة « مشاكل رافقت التطورات» أجملها التقرير، مع بعض التصرف الفني في اللغة، في: « (1) انسحاب الحروب على الإيديولوجية لتفسح في المجال أمام الحروب على الهوية الدينية والعرقية والقبلية؛ و (2) تكاثر الأخطار النووية، و (3) ازدياد حدة انعدام المساواة والاستقرار الاقتصادي؛ و(4) تَشارُك الجميع، وبصورة متزايدة، في ذات الأضرار التي لحقت بالبيئة وانعدام الأمن الغذائي والمخاطر على الصحة العامة، واستعمال (5) الأدوات ذاتها التي تمكّن الأفراد من البناء في التدمير»، بالإشارة على هجمات 11 سبتمبر.
 
  تدرك الولايات المتحدة أن: « على أميركا أن تستعد للمستقبل» لأن العالم، بحسب الإستراتيجية « قد تغير، .. وأن
 « الهيكل الدولي للقرن ال20 يئن تحت وطأة التهديدات الجديدة»، .. وأن « الاقتصاد العالمي يشهد منافسة يواجهها مواطنونا وشركاتنا»، .. وأن « بلدنا يمتلك سمات القيادة التي دعمت قيادتنا منذ عقود (عبر) التحالفات المتينة القوية، القوة العسكرية التي لا مثيل لها، الاقتصاد الأكبر في العالم، الديمقراطية القوية المتطورة، والمواطنون المفعمون بالحيوية والنشاط»، .. وأن « الولايات المتحدة سوف تواصل تحمل كلفة الأمن العالمي»، .. وأن « علينا أن ندرك أنه ليست هناك دولة واحدة .. تستطيع التصدي لكل التحديات العالمية بمفردها»، … لكن بأية وسائل؟ وعلى أية أسس؟
    من الواضح أن تقرير المراجعة، يؤكد على تراجع الولايات المتحدة، ويدفع بها إلى الداخل أكثر مما يقذف بها إلى الخارج. بمعنى أنه إذا كان للولايات المتحدة أن تحافظ على نفوذها ومصالحها وأمنها، محليا وعالميا، فمن المفترض أن تلتفت إلى تأهيل بيتها الداخلي بقدر ما تعيد تشكيل نفوذها في الخارج. لذا يتحدث التقرير عن أن هذه الإستراتيجية وهي: « تركز على تجديد القيادة» إنما « تعترف بالرابط الأساسي بين أمننا القومي، وقدرتنا التنافسية الوطنية، وصلابتنا، وقدوتنا الأخلاقية». وهو ما عنونته الإستراتيجية بعبارتي: « تجديد القيادة الأميركية» و « البناء في الداخل والتشكيل في الخارج».
 
    فمن جهة (1) « تجديد القيادة»  تقول الإستراتيجية: « يبدأ النهج الذي نتبعه بالتزامٍ ببناء أساس أقوى للقيادة الأميركية» أما لماذا؟ فـ: « لأن ما يحدث داخل حدودنا سيقرر حجم قوتنا ونفوذنا وراء هذه الحدود». ثمة عملية إنعاش تتطلب: « إعادة تشييد بنية تحتية تتميز بقدر أكبر من الأمن والثقة في مواجهة تهديدات الإرهابيين والكوارث الطبيعية .. وتوفير تعليم ذي نوعية جيدة لأبنائنا وبناتنا وتحسين مستوى العلوم والابتكار وتحويل اقتصاد الطاقة في بلدنا لتشغيل صناعات ووظائف جديدة؛ تخفيض تكاليف العناية الصحية لمواطنينا وشركاتنا وتقليص العجز الفدرالي».
    ومن جهة (2) « البناء في الداخل» فلا جدوى إلا: « الالتزام بتجديد اقتصادنا الذي هو بمثابة منبع القوة الأميركية». و « في الوقت الذي نعيد فيه بناء القوة الاقتصادية التي يعتمد عليها دورنا القيادي نعمل على الدفع نحو تحقيق نمو متوازن ومستدام يعتمد عليه الرخاء والاستقرار في العالم. ويشمل ذلك خطوات داخل الوطن وفي الخارج منعا لنشوب أزمة أخرى».
 
     ومن جهة (3) « النفوذ» يتعلق الأمر بالتزام الولايات المتحدة بما تؤمن به من « قيم» في الداخل، إذا كان لها أن تُتَّبَع، ويتمدد نفوذها في الخارج: « إننا ندرك بعملنا على بناء أساس أقوى لقيادتنا داخل حدودنا أن أنجع وسيلة للولايات المتحدة للترويج لقيمنا هي أن نعيش هذه القيم ( لا أن نفرضها على أحد بالقوة). ولذلك فإن التزام أميركا بالديموقراطية وحقوق الإنسان وحكم القانون مصادر ضرورية لقوتنا ونفوذنا حول العالم».  
    من جهة (4) « الأمن» تقر الإستراتيجية بالإضافة إلى خطر تنظيم « القاعدة والجماعات التابعة لها» أنه: « لا يوجد تهديد للشعب الأميركي أخطر من أسلحة الدمار الشامل، لاسيما الخطر الماثل في سعي متطرفين عنيفين لحيازة أسلحة نووية وانتشارها لدى دول أخرى. ولهذا السبب فإننا نسعى لتنفيذ برامج شاملة لمنع الانتشار والأمن النووي، مبنية على أسس حقوق ومسؤوليات الدول. وسنقوم بتقليص ترسانتنا النووية، واعتمادنا على الأسلحة النووية، وفي الوقت ذاته ضمان أن وسائل الردع لدينا فعالة ويمكن الوثوق بها. كما سنقوم بتعزيز معاهدة منع الانتشار النووي، لكونها الدعامة الأساسية لمنع الانتشار، وفي الوقت ذاته العمل من خلال هذه المعاهدة لمحاسبة دول مثل إيران وكوريا الشمالية، لإحجامها عن الوفاء بالالتزامات الدولية. وإننا نقود مجهودا دوليا لتأمين المواد النووية المعرضة للأخطار من قبل إرهابيين. وسنسعى لانتهاج استراتيجيات جديدة، تتوخى الحماية من الهجمات بأسلحة بيولوجية وضد التحديات التي تهدد الشبكات الإلكترونية التي نعتمد عليها».
 
    وفي فقرات ختامية تميزت بذات الطرح المستقبلي قالت الإستراتيجية: « لكي تكلَّل أعمالنا بالنجاح، يجب أن نوازن بين جميع عناصر القوة الأميركية، وندمجها معا، ونحدّث قدراتنا الأمنية القومية، لتتناسب مع القرن الحادي والعشرين. كما ينبغي أن نحافظ على تفوق قواتنا العسكرية التقليدية، مع تعزيز قدرتها على قهر التهديدات غير المتماثلة».
 
     « ويجب علينا تحديث قدراتنا الدبلوماسية والتنموية، وتدعيم قدرتنا الاستطلاعية المدنية، من أجل دعم المدى الكامل لأولوياتنا. كما ينبغي دمج جهودنا الأمنية الداخلية والاستخباراتية مع سياستنا الأمنية القومية، ومع سياسات حلفائنا وشركائنا. ويجب تعزيز قدرتنا على تنسيق أعمالنا في الوقت الذي نتواصل فيه بشكل فعال مع الشعوب الأجنبية حتى يتسنى الحفاظ على الدعم العالمي».
أما عن النظام الدولي؛ فتذكِّر الإستراتيجية بأن: « الولايات المتحدة هي التي تولت، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، القيادة في بناء منظومة دولية جديدة لاستتباب السلام ودفع عجلة الرخاء، من إنشاء حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة إلى توقيع معاهدات تنظم تطبيق القوانين وأسلحة الحرب؛ ومن إنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وصولا إلى شبكة يزداد نطاقها اتساعا من الاتفاقيات التجارية. وأن: هذه المنظومة، رغم عيوبها، مكنتنا من تجنب حرب عالمية وأتاحت تحقيق النمو الاقتصادي وعززت حقوق الإنسان. وفي الوقت ذاته سهلت تقاسم الأعباء بصورة فعالة بين الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا .. واليوم نريد أن نميّز بوضوح مواطن القوة والضعف في ما طورته المؤسسات الدولية للتعامل مع تحديات زمن سابق وعجز الإرادة السياسية، الذي أعاق في بعض الأحيان فرض الأعراف الدولية».
 
   وفيما بدا متطلبات أمريكية أكثر منها دولية، تحسم الولايات المتحدة موقفها من النظام الدولي بالقول: « سيكون من المدمر لكل من الأمن القومي الأميركي والأمن العالمي، إن استخدمت الولايات المتحدة ظهور تحديات جديدة وعيوب النظام الدولي كذريعة للانسحاب منه». وترى الحل في أزمات النظام عبر التركيز على: « تقوية وتعزيز المؤسسات الدولية، وتنشيط العمل الجماعي الذي يمكن أن يخدم المصالح المشتركة، مثل القضاء على التطرف العنيف؛ ووقف انتشار الأسلحة النووية؛ وضمان تأمين المواد النووية؛ وتحقيق النمو الاقتصادي المتوازن والمستدام؛ والتوصل إلى صياغة حلول تعاونية لخطر تغير المناخ، والنزاع المسلح، والأمراض الوبائية».
 
 
 
 
 
 
 
 
المبحث الثاني
استراتيجية الأمن القومي[9] لسنة 2015
 وما بين الإستراتيجيتين، وفي 5/1/2012، أصدرت الولايات المتحدة إستراتيجية عسكرية لسنة 2011، مثلت بالفعل حدا فاصلا بين حروب الولايات المتحدة قبل الحرب الباردة وبعدها. وتزامنت، في حينه، مع خطط الولايات المتحدة لاندفاع حركة طالبان في مقاومة الاحتلال الأمريكي لأفغانستان. المهم؛ أن الإستراتيجية أسدلت الستار على عصر الحرب الشاملة، التي اعتمدتها الولايات المتحدة طوال مرحلة الحرب الباردة، أو ما يسمى بـ « حروب التكلفة»[10]. وبموجبها؛ تخلت أمريكا عن فكرة خوض حربين منفصلتين في وقت واحد[11]، بل وتخلت عن فكرة الحرب الشاملة برمتها، لتحل محلها « الحروب السرية» أو « الحرب من وراء ستار» أو ما أُسمي بـ « حروب القيادة من الخلف Leading from behind».
    أما جواهرها فتكمن في التركيز على ثلاثة محاور تقضي بـ:
  • تقليص عدد القوات في أوروبا، وهو ما يعني أن تتحمل أوروبا عبء الحماية، وتدفع الثمن كما دفعته الولايات المتحدة.
  • خفض الإنفاق الدفاعي، مع التركيز على آسيا، وخاصة انتشار القوات الأمريكية جنوب شرق الصين،
انطلاقا من أستراليا، لمراقبة النمو الاقتصادي الصاعد للصين، فضلا عن، وهو الأهم، النمو العسكري النوعي الذي تشهده تكنولوجيا التسلح الصيني.
  • لكن الأمر الحاسم في الإستراتيجية كان التحول النوعي في الحروب، عبر اعتماد استراتيجيات الحرب الأمنية القائمة على (1) الاستخبارات مع قوات قتالية خاصة للتدخل الطارئ[12]، و (2) نظم الحرب الرقمية، و
 (3) القتال عن بعد عبر نظام الطائرات بدون طيار[13].
     لا ريب أن استراتيجية 2015 عكست، بشكل أبلغْ، فلسفة أوباما في الحروب، والبناء في الداخل، دون أن تتخلى عنها. وهو ما أشارت إليه Falila Gbadamassi  في مقالتها، نقلا عن مايا كاندل التي لاحظت أن: « التدخّلات العسكرية لم تتوقّف على أيّة حال خلال حكم باراك أوباما؛ بل أصبحت أقلّ وضوحًا؛ إذ يندرج الانسحاب من العراق، والالتزام بالخروج من أفغانستان، وخيار عدم التدخّل علنًا في سوريا، في الفلسفة العامّة نفسها، الّتي تسلّط الضوء على الإرهاب المضادّ، وتركّز على لاعبين غير حكوميين، مع الرغبة في إدارة التهديد – بما في ذلك بصورة وقائية- مع مستوى تدخّل متدن من قبل الأمريكان».
    وكما يقال في المثل فالمكتوب (الرسالة) يُقرأ من عنوانه! فقد قدَّم الرئيس الأمريكي للإستراتيجية مستعملا عبارة « الصبر الاستراتيجي»*. وفي المضمون صيغت، كسابقتها، باستخدام الفعل المستقبلي، وفي المحصلة، لولا بعض التغييرات، لجاءت كنسخة تحديثية في تفصيل ما لم يفصل من مواضيع. وبفعل الأحداث الجسيمة التي تجري وقائعها في المنطقة وروسيا بشكل خاص، والعالم بشكل عام، فقد أظهرت الإستراتيجية من المشاكل ما لم تظهره سابقتها.
   وبالإجمال تضمنت خمسة محاور مركزية، وهي (1) القيادة و (2) الأمن و (3) الاقتصاد و (4) القيم و (5) النظام الدولي. ومن المفارقات أن ست سنوات مضت على الإستراتيجية الأولى (2010) ومع ذلك لم تغب هذه المحاور عن إستراتيجية 2010 أو التذكير بها في عدة مواضع.
أولا: القيادة
   أول فقرة وردت في الإستراتيجية التي قدم لها الرئيس الأمريكي قالت: «Today, the United States is stronger and better positioned to seize the opportunities of a still new century and safeguard our interests against the risks of an insecure world = اليوم، الولايات المتحدة أقوى ولا تزال في وضع أفضل لاغتنام الفرص في القرن الجديد وحماية مصالحنا ضد المخاطر في عالم غير آمن». والعبارة التالية قالت: « America’s growing economic strength is the foundation of our national security and a critical source of our influence abroad = إن القوة الاقتصادية المتنامية لأميركا هي الأساس لأمننا الوطني ومصدرا هاما من نفوذنا في الخارج».
     لذا ولأننا: « في هذه اللحظة الحاسمة»، وإذ « نواصل مواجهة تحديات خطيرة على أمننا القومي» … فإن: « التطرف العنيف والتهديد الإرهابي المتطور وما يثيره من مخاطر استمرار الهجمات على أمريكا وحلفائنا»، وكذا « تصاعد التحديات التي تواجه الأمن السيبراني، والعدوان من قبل روسيا، والآثار المتسارعة لتغير المناخ، وتفشي الأمراض المعدية» .. كل هذا « يؤدي إلى تعاظم القلق بشأن الأمن العالمي». وعليه « ينبغي أن نكون يقظين على هذه وغيرها من التحديات» لاسيما « وأن الولايات المتحدة لديها قدرة فريدة على تعبئة وقيادة المجتمع الدولي للوفاء بها». وعليه فإن « أي استراتيجية ناجحة، لضمان سلامة الشعب الأمريكي وحماية مصالح أمننا القومي، يجب أن تبدأ بحقيقة لا يمكن إنكارها أن أمريكا يجب أن تقود .. قيادة أميركية قوية ومستدامة أمر ضروري لنظام دولي قائم على القواعد التي تعزز من الأمن العالمي والازدهار وكذلك كرامة وحقوق الإنسان لجميع الشعوب».
 
    لكن! «The question is never whether America should lead, but how we lead?  = السؤال ليس أبدا ما إذا كانت أميركا يجب أن تقود، ولكن كيف لنا أن نقود؟». وفي السياق كانت إستراتيجية 2010 قد تحدثت عن موارد النفوذ الثلاثة التي أشرنا إليها في مطلع النص ( القوة العسكرية والاقتصاد والدبلوماسية)، ولأن: « التحديات، بما في ذلك التطرف، والعدوان الروسي، والهجمات الإلكترونية، والتغير المناخي، من الأفضل أن تعالج بحشد التحالفات الدولية»[14]. فإن القوة، والكلام للرئيس الأمريكي،: « لا تعني أننا نستطيع أو يجب أن نحاول إملاء المسارات لكل الأحداث في العالم»»! أما لماذا؟ فلأن « مواردنا ونفوذنا ليست بلا نهاية»».
    وتبعا لذلك لم يكن غريبا أن يكون أول ما تحدثت عنه الإستراتيجية، في محور القيادة، هو القوة العسكرية والقيم، وليس الاقتصاد، الذي اعتُبر مصدر القوة الأمريكية في إستراتيجية 2010، فضلا عن الربط بين التوجه للداخل، كشرط لاستمرارية القوة في الخارج. بل وفيما لا يزيد عن سطرين، جرى الحديث عن الاقتصاد بصيغة: « ما زال الأكثر حيوية ومرونة في العالم وفرص العمل»! وقبل أن يكتمل السطر الثاني تقطع الإستراتيجية الشك باليقين عبر الربط بين « القوة» و « القيم» بدلا من الاقتصاد، الذي ربما تعتقد الإدارة الأمريكية بأنه تجاوز تداعيات الأزمة العقارية سنة 2008 بما لا يحتاج معها إلى التأكيد، مقارنة بما تحتاجه القيم، لاسيما وأن مصداقية الولايات المتحدة تعرضت للاستنزاف في مناطق عدة من العالم: « مصدر قوتنا هو قوتنا العسكرية التي لا منافس لها في العالم, إضافةً إلى قيمنا التي تم تأسيس الدولة عليها». وبناء على
 ذلك:
  • « ستقود أمريكا العالم وتكون مثالاً يحتذى به؛
  • ستقود أمريكا العالم من خلال شركاء قادرين: لا يمكن إيجاد حلول للمشكلات العالمية في عالم مرتبط مع بعضه بعضاً من دون الولايات المتحدة؛
  • ستقود أمريكا العالم من خلال ما لديها من وسائل القوة: الجيش الأمريكي .. الدبلوماسية .. اقتصادنا وتجارتنا واستثماراتنا في الداخل والخارج العقوباتالعلاقات الشخصية.
  • ستقود أمريكا العالم من منظور طويل الأجل: مع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الخمس التي وقعت في السنوات الست السابقة حيث (1) أصبحت القوى بين الدول أكثر ديناميكية، وفعالية (2) المجتمع المدني، و (3) الاعتماد المتبادل والمتزايد للاقتصاديات العالمية على بعضها بعضاً, والسرعة المتزايدة للتغيرات التكنولوجية، و (4) تغير سوق الطاقة العالمي، وأخيرا (5) مرونة البنية الإستراتيجية وسلاستها .. بما يؤسس لمجموعة من الأولويات الملائمة لقوة عالمية رائدة ذات مصالح في كل جزء من العالم الآخذ في ترابطه مع بعضه بعضاً».
 
ثانيا: الأمن
    تحت محور الأمن؛ نجد عشرة بنود تتحدث عن: « (1) تعزيز وتقوية دفاعنا القومي، و (2) تعزيز وتدعيم الأمن الداخلي، و (3) مكافحة تهديد الإرهاب المستمر، وضمنه أفغانستان والدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، و (4) بناء القدرة لمنع الصراع، و (5) منع انتشار واستخدام أسلحة الدمار الشامل، مع الإشارة إلى كوريا الشمالية وليبيا وسورية وإيران، و (6) مواجهة تحدي المناخ، و (7) أمن الشبكة العنكبوتية، و (8) أمن الفضاء الخارجي، و (9) الأمن الحيوي والبحري، و (10) زيادة أمن الصحة العالمية».
    أول ما تتحدث عنه الإستراتيجية في مجال الأمن، وتركز عليه بالترتيب هو: « (1) حماية المواطنين الأمريكيين, و (2) صون الأمن العالمي لحماية المصالح الأمريكية، و (3) الالتزام مع الحلفاء والشركاء،  و (4) التعامل مع التهديدات العالمية». ولأنه، بحسب الإستراتيجية، « لا مجال للمساومة عليها»، فإن: أولوياتنا اليوم هي: (1) مواجهة الإرهاب, وخاصة إرهاب القاعدة والمنظمات المنتسبة إليها، .. وتعزيز وتقوية الآخرين لمواجهة الأيديولوجيات المتشددة والمتطرفة والخطيرة .. ومن أولوياتنا الكبرى (2)  منع الانتشار النووي، ثم (3) منع وصول المواد النووية إلى الإرهابيين».
   في إطار « الدفاع عن الأمن القومي» تشير الإستراتيجية إلى جاهزية القوات العسكرية الأمريكية لممارسة « الردع»، كمرحلة أولى، ضد أي « تهديد لبلدنا وإلحاق الهزيمة به, بما في ذلك تهديد الصواريخ والتجسس على شبكتنا العنكبوتية أو الاعتداءات الإرهابية». ويشمل « الردع» القيام بـ « عمليات عالمية لمواجهة الإرهاب, وطمأنة الحلفاء»وحتى « التواجد والاشتباك». وإلى هذا الحد لا تبدو الولايات المتحدة عازمة على التدخل بعمليات برية كبرى بما أنها تحصر تدخلاتها في دائرة « الردع» وضمن أدواته ووسائله فقط، ووفقا للإستراتيجية فـ « لن يكون استخدام القوة هو خيارنا الأول». لكن « إذا فشل الردع»، وهي المرحلة الثانية، « ستستخدم الولايات المتحدة القوة العسكرية منفردة إن كان ذلك ضرورياً»، وعليه: « فإن القوات الأمريكية ستكون جاهزة لاستخدام قوتها على الساحة الدولية لمنع العدوان وإلحاق الهزيمة به في الساحات الدولية متعددة الجوانب»، بشرط « أن يكون لاستخدام القوة هدف محدد وواضح»، وهو شرط أمني، بقدر ما هو سياسي، حتى لو تم تفعيله في سياقات « القانون الدولي والقيم الأمريكية». وفي كل الأحوال سيبقى أي تدخل أمريكي تحت سقف الردع، على الأقل، طالما بقي أوباما وفريقه « المحافظ» في السلطة.
   أما الإستراتيجية التي تحدثت في محور القيادة عن قيادة أمريكية طويلة الأجل للعالم نجدها في بند « تعزيز وتدعيم الأمن الداخلي»، تتحدث عما يشبه التعايش مع « الإرهاب» مع التأكيد على أن أمريكا « أكثر أماناً .. وأكثر قدرة على حماية بلدنا من الإرهاب بسبب تقاطع المعلومات وأمن الطيران والحدود والتعاون الدولي», لكن، وبلغة الإستراتيجية، « يجب أن نستمر في التعلم والتكيف مع التهديدات والمخاطر المتحولة». وفي هذا البند يمكن ملاحظة الإستراتيجية وهي تعتمد رسميا، لأول مرة، عبارة « التطرف العنيف» بدلا من العبارات التي تغزو الإعلام الأمريكي مثل « التطرف الإسلامي أو الإرهاب الإسلامي».
   حول « مكافحة تهديد الإرهاب المستمر»؛ فإن أول ما تتحدث الإستراتيجية ما تسميه بـ « المنظمات الإرهابية» التي « تمتد من جنوب آسيا إلى الشرق الأوسط وصولاً إلى أفريقيا. كما أنها تضم مجموعات عالمية توجهها القاعدة والمنظمات المنتسبة اليها, إضافة إلى عدد متزايد من جماعات إقليمية لها ارتباطات دولية تحمل عقيدة القاعدة مثل الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام, والتي يمكن أن تشكل خطراً على الوطن الأمريكي». لكن التركيز يمس أفغانستان و « الدولة الإسلامية في العراق والشام»، مع الإشارة بالذكر إلى الصومال. وفي بند لافت، أملته التقييمات والمناقشات التي استقر الرأي فيها على استعمال وتعميم عبارة « التطرف العنيف»، قالت الإستراتيجية: « ترفض أمريكا الأكذوبة القائلة بأنها وحلفاءها في حالة حرب مع الإسلام».
  تحت سقف « القيادة من الخلف» ستنشط الولايات المتحدة في بناء الشراكات المحلية عبر (1) تأهيل الدول الأضعف والأكثر عرضة لـ « الإرهاب» كأفغانستان والعراق وسوريا وحتى الصومال، و (2) تدريب ما تسميه الجماعات المحلية. وفي السياق كان لافتا حقا ذلك البند المتعلق بسوريا والذي يقول: « بنفس الوقت, فإننا نعمل مع شركائنا لتدريب ومد المعارضة السورية المعتدلة بما تحتاجه كي توفر قوة موازية تقف في وجه الإرهابيين ووحشية نظام الأسد»، علما أن برنامج التدريب فشل، كما أٌعلٍن، على خلفية الطلب من المؤهلين للتدريب التوقيع على وثيقة تلزمهم فقط بقتال « الدولة الإسلامية» دون « النظام النصيري». ولو تتبعنا موضوعيا الحضور السوري في الإستراتيجية، لتبين أنه لم يزد عن خمس مرات، مقارنة بالحضور العراقي، الذي بلغ نحو 12 مرة. بل أن الحضور السوري اقتصر على مسألتين هما (1) تدريب المعارضة المعتدلة و (2) الحل السياسي.
     أما فيما يتعلق بروسيا، التي حضرت في الإستراتيجية عشر مرات، فقد استُعملت بحقها توصيفات غير مسبوقة في إستراتيجية 2010 مثل: « انتهاك، وتنتهك، واعتداء، والعدوان، وصراع، وتشن، ومواجهة، والمخادعة، وعقوبات». وأكثر من ذلك حين وردت العبارة التالية في الفقرات الأولى من إستراتيجية 2015، لتؤشر على تحول بالغ الخطورة تجاه روسيا: « إننا نقود جهوداً عالمية لمواجهة روسيا»، التي غدت، وفق بند « بناء القدرة لمنع الصراع» عدوا « استفزازيا» مثل « كوريا الشمالية»، أو قريبا من العدو « كالصين وإيران» التي حضرت في الإستراتيجية 12 مرة. لذا فإن: « الدبلوماسية الأمريكية والقيادة الأمريكية, وبدعم من القوة العسكرية, ستبقى أساسية لردع العدوان بين الدول تنفيذاً لالتزاماتنا مع شركائنا وحلفائنا. وسوف نجعل تلك الدول التي تهدد جيرانها وتنتهك المعايير الدولية, تدفع ثمناً». إذ أن: « انتهاك روسيا لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها, وكذلك سياستها العدوانية تجاه دول أخرى جارة لها, يعرض المعايير الدولية المعترف بها بشكل واسع منذ انتهاء الحرب الباردة إلى الخطر».
 
   ومن الواضح أن الولايات المتحدة ترد على ممارسات روسيا بمفردات من نوع: « قيادة، جهود، مواجهة، ردع، دفع الثمن،… »، وكأن المطلوب من روسيا والصين أن تكونا من ضمن « الشراكة» لكن ليس من ضمن « القيادة».
ثالثا: الاقتصاد
   كبقية المحاور، لا يخلو المحور الاقتصادي من مزاعم وطموحات جرت عنونتها بـ « الرفاهية والازدهار»، لاسيما، وكما تقول الإستراتيجية، بأن: « اقتصادنا هو أكبر اقتصاد في العالم وأكثره انفتاحاً وابتكاراً, وإن استمرار واستدامة قيادتنا للعالم يعتمد على صياغة نظام اقتصادي عالمي صاعد يعكس مصالحنا وقيمنا»، وأن: « الاقتصاد الأمريكي هو بمثابة المحرك للنمو الاقتصادي العالمي, وهو مصدر استقرار للنظام العالمي»، فضلا عن أنه « أداة القوة والتأثير الأساسي, فإنه كفيل بضمان قوتنا العسكرية ونفوذنا الدبلوماسي». لكن واقع الحال يقول بأن الولايات المتحدة مدينة بأكثر من إجمالي الناتج القومي، وأنها بالكاد تشغل مؤسساتها، فكيف لها أن تبلغ « الرفاهية والازدهار»[15] لاسيما أن اقتصادها الذي يشكل 23.3% من الاقتصاد العالمي، صار مدينا له بنسبة 29.1٪، بحسب أرقام موقع « visualcapitalist» الصادرة في 6/8/2015؟ وأن الرقم يتعلق بنحو 200 تريليون$!!!! هذا فضلا عن الحديث على وضع حد للفقر المدقع في العالم، في الوقت الذي تتمركز فيه الثروات الخاصة بأيدي 85 شخصا في العالم يمتلكون نصف ثروات الأرض، كما قالت منظمة « أوكسفام» البريطانية.
  منذ ربع قرن والولايات المتحدة تتحدث بصيغة سـ: « نجعل اقتصادنا يعمل»، ولم ينكر أحد أنها، منذ خروجها من عزلتها، خلال الحرب العالمية الثانية، أنها تقود و « ستقود العالم بالعلم والتكنولوجيا والابتكار». لكن هل توقفت الولايات المتحدة عن المكابرة ،وأقرت بأنها تتراجع؟ الحقيقة أنها أقرت بذلك. وفي بند الاقتصاد نلحظ هذا الأمر فيما يتعلق بعبارة « تطوير أمننا القومي». فلطالما كانت الطاقة ومصادرها وسلاسة انتقالها « مسألة أمن قومي أمريكي» يمتد عبر العالم، لكنها هذه المرة تتحدث عن « تطوير» لا عن مجرد أمن. وليس هذا بسبب الانبعاثات الكربونية وكوارث التغير المناخي الذي يدمر أسباب الحياة في أنحاء الكرة الأرضية، بل لأن الطاقة، بكميات إنتاجها وخطوط إمدادها الدولية مع أوروبا على وجه الخصوص، صارت من جهة (1) أداة صراع على النفوذ، وتحطيم ما يسمى بقواعد القانون الدولي كما تفعل روسيا في أوكرانيا، ومن جهة (2) بالغة التكلفة، بالمقارنة مع المديونية المرتفعة التي تهدد بانهيار النظام الاقتصادي العالمي وكذلك الدولي.
 
رابعا: القيم
   كل ما ورد في هذا المحور هو تفصيل لما تضمنته استراتيجية 2010. لكن التفصيل هنا لا يعني التكرار بقدر ما يعني الإصرار على منطق عولمة، لا يمكن أن يمر إلا بتحطيم قيم الآخرين وحضاراتهم وثقافاتهم ومعتقداتهم، بحيث يبدو الإنسان في الشرق مجرد نسخة عنه في الغرب. وحتى ينجح هذا الأمر: « على الولايات المتحدة أن تطبق قيمها في الداخل الأمريكي, وأن تشجع على تطبيق قيم عالمية». وفي موضع آخر تقول الإستراتيجية: « إن قيمنا هي مصدر قوة وأمن لنا, وإن قدرتنا على دعم هذه القيم في الخارج مرتبطة برغبتنا وإرادتنا الالتزام بها في داخل بلدنا». وفي موضع ثالث لا يبدو أن الولايات المتحدة يمكن أن تأمن على نفسها، ما لم تطمئن إلى أن يتساوى جميع من في الأرض: « إن القيم الأمريكية هي انعكاس للقيم العالمية التي تعد أمريكا رائدة لها في هذا العالم»، والحديث هنا يتعلق مبدئيا بالحرية والعدالة والمساواة، ويشمل ذلك بحسب الإستراتيجية « حرية التعبير والعبادة والتجمع السلمي والقدرة على اختيار القيادة بشكل ديمقراطي, والحق في اختيار الطريقة المناسبة وإدارة العدالة بشكل متساو». أما الفقرة التي أرادت الإستراتيجية تمريرها فهي التي وضعت تحت بند « الدفع بالمساواة إلى الأمام»، ونصها: « سنكون رواداً للمجتمعات التي تتعرض باستمرار إلى العنف والإساءة والإهمال مثل الأقليات القومية والدينية والمعوقين والمثليين والسحاقيين والعمال المهاجرين».
    يسهب محور القيم في الحديث عن حقوق الإنسان ومقاومة الاستبداد ودعم الحريات والالتزام بالقانون. ويشن حملة على الأنظمة الاستبدادية التي تعارض الديمقراطية. بل ويتطرق إلى الثورات العربية بالقول: « لقد جرت الانتفاضات الشعبية التي بدأت في العالم العربي في منطقة ذات تقاليد ديمقراطية ضعيفة، وعصبية استبدادية قوية، وتوترات طائفية، وعناصر متطرفة وعنيفة, ولهذا ليس مستغرباً أن الانتكاسات فاقت الانجازات. ومع ذلك, فإن التغيير لا مفر منه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لكن اتجاه ذلك التغيير ليس مقدراً سلفاً … ولنا مصلحة قوية في أن نقود رداً دولياً على الإبادة الجماعية للشعوب والفظائع الجماعية التي ترتكب بحقهم عندما تحدث, وإننا ندرك أن الخيارات أكثر كلفة، لكنها أقل كلفة عندما نتصرف بشكل مسبق، قبل أن تصل الحالات إلى حالات الأزمة».
  ولو أخضعنا هذه الفقرة لاختبارات ميدانية في شتى أنحاء العالم لما احتجنا إلى دليل[16]. بل أن أعجب ما يمكن تصوره في هذا السياق أن الإستراتيجية أتت على ذكر روسيا وعدوانيتها في أوكرانيا لكنها لم تأت على ذكر مصر ولا مرة واحدة رغم تخصيصها في ذات المحور لبند يتعلق بـ « دعم الديمقراطيات الصاعدة» وآخر بـ « منع الفظائع بشكل جماعي»!!! فهل سقطت مصر في مثل هذه الوثائق الضخمة سهوا؟ وإلا! فعن أية قيم تتحدث أمريكا؟
خامسا: النظام العالمي
    تدرك الولايات المتحدة، من رأسها حتى أخمص قدميها، أن النظام الدولي قد غدا في مهب الريح. ويتساءل الكثيرون عن الشكل المحتمل إعادة بناءه لهذا النظام. أما الإستراتيجية فتتحدث عن (1) قصور في بنية النظام الهندسية، و (2) تهديدات دولية مباشرة للنظام، تقوم بها روسيا، وأخرى محتملة قادمة من الصين، و (3) تهديدات إرهابية. فما الذي ستفعله الولايات المتحدة للإبقاء على النظام الدولي؟
       بحسب النص: « يعتمد النظام الدولي الراهن في عصرنا الحديث وبشكل كبير على (1) الشكل والتصميم الذي سيأخذه للتأكيد الدولي والمؤسسات الاقتصادية والسياسية, وأيضا على (3) التحالفات والشراكات التي أوجدتها الولايات المتحدة، و (3) الأمم التي تشاطرها نفس الذهنية والتفكير بعد الحرب العالمية الثانية». وبُعيدَ بضعة جمل أشادت بإيجابيات النظام منذ نشأته، تلاحظ الإستراتيجية أن: « النظام لم يكن كاملاً ومكتملاً, إذ يتم تحدي عناصر منه بشكل متزايد. لقد شاهدنا (1) حالات كثيرة أدى فيها فشل تنظيم إرادة ومصادر العمل الجماعي إلى اللاعمل, والى (2) تعرُض الأمم المتحدة ومؤسساتها المتعددة الأطراف إلى المطالبة بمصادر, وإلى (3) أمور أخرى أدت إلى التنافس بين الدول الأعضاء, والى (4) الحاجة إلى إصلاح طيف من المجالات السياسية والإدارية بالرغم من التوترات والضغوطات التي لا تريد الغالبية العظمى من الدول تبديل النظام الحالي».
    رغم أن أي تحرك أمريكي مشروط بـ « حيث يكون ذلك ممكنا»، إلا أن « الولايات المتحدة (1) ستستمر في عملها لتحقيق تقدم في إيجاد حلول مستدامة لجميع هذه المجالات كونها أولوية في سياستها الخارجيةو (2) ستستمر باحتضان الشكل والهندسة القانونية لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية – بدءاً من ميثاق الأمم المتحدة إلى المعاهدات المتعددة الأطراف التي ترسم السلوك أثناء الحرب, واحترام حقوق الإنسان, ومنع الانتشار, ومواضيع أخرى كثيرة تهم العالم – على أنها ضرورية وأساسية لتنظيم عالم سلمي وعادل, تعيش فيه الأمم بسلام ضمن حدودها, ويتمتع فيه جميع الرجال والنساء بحقوق متساوية للوصول إلى ما يصبون إليه».
    لكن الواقع يؤكد أن حالة النظام الدولي اليوم أشبه ما تكون بالضبط كحالة الرئيس السوري بشار الأسد في ظل الثورة السورية. وهذا ما أدركته الإستراتيجية التي لم تجد بدا من الاكتفاء بالمحافظة على التصميم الهندسي والقانوني للنظام كما نشأ منذ مائة عام. لذا لا تتوانى الإستراتيجية عن التأكيد على استخدام (1) أنظمة الردع، كالقوة العسكرية والعقوبات والعلاقات الأمنية، و (2) تعميق التحالفات القديمة (كوريا الجنوبية واليابان والفيلبين وتايلاند) و (3) الشراكات الجديدة ( فيتنام واندونيسيا وماليزيا وبورما) لمواجهة أي إخلال بتوازن القوى في منطقة آسيا والباسيفيك: « سنوسع ونعمق ونشعّب علاقاتنا الأمنية مع آسيا, وكذلك مكانتنا وحضورنا الدفاعي. إننا سنقوم بتحديث تحالفاتنا مع اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين, وبتعزيز التفاعلات فيما بينهم لضمان أن يكونوا قادرين بشكل كامل على الرد على التحديات الإقليمية والعالمية».
    هذا ما تقوله الولايات المتحدة عبر الإستراتيجية في ردها على الصين: « نرحب ببروز وصعود صين مزدهرة وسلمية ومستقرة، ونبحث عن تطوير علاقة بناءة معها .. وبينما سيكون هناك تنافس إلا أننا نرفض المواجهة، وفي نفس الوقت فإننا سندير موضوع التنافس ونعالجه من موقع القوة, ونصر على دعم والتزام الصين بالقواعد والمعايير الدولية حول مسائل واسعة تشمل الأمن البحري والتجارة وحقوق الإنسان. وسوف نراقب عن كثب تحديث الصين لقدراتها العسكرية, وتوسيع حضورها على الساحة الأسيوية, بينما نبحث عن الطرق والوسائل التي تقلص من مخاطر سوء التفاهم والحسابات الخاطئة». وفي إطار تعميق العلاقات الأمنية الساعية إلى « إعادة التوازن»، تصرح الإستراتيجية: « سنستمر في تعزيز شراكتنا الإستراتيجية والاقتصادية مع الهند» … وتزيد في التعويل على الدور الهندي أكثر، لمواجهة الصين: « إننا ندعم دور الهند كضامن ومزود إقليمي للأمن, ومشاركتها الواسعة في المؤسسات الإقليمية الحساسة».
    ورغم أن أكثر الذين يتحدثون عن انهيار النظام الدولي هم الأمريكيون والأوروبيون، فإن الولايات المتحدة معنية أكثر من أي وقت مضى باستعمال أوروبا كعصا في مواجهة روسيا القادمة من عصر القياصرة، حيث لم تُعرَف إلا كدولة توسعية لا يردعها قوة ولا قانون. ومع أنها سئمت من التردد الأوروبي تجاه الحزم مع روسيا إلا أن الأمريكيين، وبنص الإستراتيجية، بدوا وكأنهم يعلنون الحرب على روسيا وتوريط أوروبا، حين عبروا عن: التزام عميق تجاه أوروبا الحرة والموحدة وفي حالة من السلم». إذ أن: « أوروبا القوية هي شريكنا الذي لا يمكن الاستغناء عنه,  .. إن حلف شمال الأطلسي هو أقوى تحالف شهده العالم, وهو النواة لشبكة أمنية عالمية .. إن التزامنا بالمادة (5) التي تنص على الدفاع الجماعي لجميع أعضاء الحلف, هو الدرع الفولاذي .. إن التزامنا هو ضمان بقاء التحالف جاهزاً وقادراً على الرد على الأزمة والتعاون الأمني». وتأسيسا على ذلك فإن: « اعتداء روسيا على أوكرانيا يجعل من الواضح أن الأمن الأوروبي والقواعد والمعايير الدولية ضد العدوان على الأراضي لا يمكن اعتباره أنه بديهي».
 
   وتتابع الإستراتيجية القول: « رداً على ذلك العدوان, فقد قدنا جهداً دولياً لدعم الشعب الأوكراني عندما اختار الشعب مستقبله وأراد تطوير ديمقراطيته واقتصاده. إننا نعيد التأكيد لحلفائنا, ونعزز التزاماتنا الأمنية, ونزيد من ردنا من خلال التدريب والمناورات, ومن خلال وجودنا الحيوي في وسط وشرق أوروبا لمنع عدوان روسي آخر .. و سنستمر في فرض تكاليف كبيرة على روسيا من خلال العقوبات ووسائل أخرى, وسنواجه دعاية روسيا المخادعة بحقيقة جلية وواضحة» ..
 
      باختصار: « سوف نردع العدوان الروسي, وسنبقى على أهبة الاستعداد لمواجهة قدراتها الإستراتيجية, وسنقدم المساعدة لحلفائنا وشركائنا لمقاومة الإكراه الروسي على المدى البعيد عند الضرورة. وبنفس الوقت, ستبقى الأبواب مفتوحة أمام تعاون أكثر مع روسيا في مجالات المصالح المشتركة في حال اختارت طريقاً مختلفاً».
  وفيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط؛ لا تتحدث الإستراتيجية عن تهديدات للنظام الدولي بقدر ما تتحدث عن « الشبكات الإرهابية التي تهدد شعبنا» وعما أسمته بـ « العدوان الخارجي على حلفائنا وشركائنا» وعن ضمان « التدفق الحر للطاقة من المنطقة إلى العالم», وعن « منع تطوير وانتشار واستخدام أسلحة الدمار الشامل»، مع ملاحظة
 أنه: « لا يوجد عنف أكثر مأساة وزعزعة في أي مكان من العالم مما هو موجود في الصراع الطائفي من بيروت حتى بغداد».
   أما الحلول التي تطرحها الإستراتيجية، دون أن تتورط بنفسها، فتتطلب « شركاء قادرين على الدفاع عن أنفسهم». عبر الاستثمار في « قدرة إسرائيل والأردن وشركائنا الخليجيين على ردع العدوان, و (2) ندعم الجهود التي تخفف من حالة تصعيد التوترات الطائفية والتوتر بين المجتمعات الشيعية والسنية في جميع إنحاء المنطقة»، ولأن « السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتطلبان أيضاً تقليص الأسباب الكامنة للصراع»، فإن الولايات المتحدة ستعمل على: «  (1) إيجاد اتفاقية شاملة مع إيران، والالتزام (2) بإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من خلال إيجاد حل الدولتين، و (3) دعم الجهود التي تخفف من حالة تصعيد التوترات الطائفية والتوتر بين المجتمعات الشيعية والسنية في جميع إنحاء المنطقة، و (4) مساعدة الدول التي تمر بمرحلة الانتقال على تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية وبناء قدرة الدولة للمحافظة على الأمن والقانون والنظام واحترام الحقوق العالمية».
 
المبحث الرابع
بعض الردود والمناقشات الأمريكية حول الاستراتيجيات
    كل التيارات السياسية الأمريكية اليسارية واليمينية، بما فيها الواقعة في صلب الحزبين الجمهوري والديمقراطي، تخوض في حين صراعا أيديولوجيا على السياسات والإستراتيجيات، بمختلف مستوياتها، وفي حين آخر على المصالح. وفي كلتي الحالتين، ورغم الكثير من المهاترات والمبالغات واللامنطق، لا تبدو الهواجس تفارق أحدا من الخائضين. وفي هذا السياق كتب Ian Buruma عن المنتقدين لسياسة الرئيس الأمريكي في مقالته: « أمريكا ومعضلة المرحلة الإمبراطورية المتأخرة[17] – 6/6/2015»، يقول: « يعتقد منتقدو أوباما، سواء على اليسار أو اليمين، أن الولايات المتحدة لديها مهمة فريدة تتمثل في فرض إرادتها على العالم». لكن: « الفارق الوحيد هنا هو أن المنتمين إلى اليسار يبررون وجهة نظرهم بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، في حين لا يحتاج المنتمون إلى اليمين إلى أي مبرر من هذا القبيل، لأن أميركا على أية حال هي أعظم دولة على وجه الأرض».
    ويتابع القول: « في الحالتين تستند الفرضية القائلة بأن الولايات المتحدة لابد أن تقود بالقوة، إلى فكرة مفادها أنه في غياب قوة خيرة مهيمنة، تراقب العالم، فسوف يترتب على ذلك انتشار الفوضى، وانتقال زمام الأمور إلى قوى أشد خبثا. وقد عبر مقال حديث للمفكر المحافظ المتخصص في السياسة الخارجية، روبرت كاجان، عن هذا الرأي بوضوح شديد .. أما  حجة كاجان، بحسب الكاتب، « فترى أن البلدان الأخرى لا يمكن الاعتماد على تصرفها بشكل مسؤول في غياب الزعامة الأميركية القوية. ومثله كمثل الصقور الأخرى، لا يكتفي بالتحذير من تصرف الحكام المستبدين بشكل سيئ إذا سنحت لهم الفرصة، وهو أمر محتمل بكل تأكيد، بل ويؤكد أيضاً أن الحلفاء الديمقراطيين لا بد أن يتم وقفهم عند حدهم بقبضة مهيمنة محكمة».
       بالتزامن مع إصدار إستراتيجية الأمن القومي؛ أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) وثيقة « الإستراتيجية العسكرية الوطنية لسنة 2015»[18]. وفي ذات اليوم كتبت مجلة « فورين بوليس[19] – 2/7/2015»، الأمريكية تقول بأن: « الإستراتيجية العسكرية الجديدة، التي أعدها رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي، تولي اهتماما أكبر بدول وصفتها بالعدوانية مثل روسيا والصين، وتنبه إلى أن التفوق التكنولوجي للجيش الأميركي يتآكل، في عصر تنافس قوى كبرى صاعدة، وتمثل تراجعا حادا عن وثيقة السياسة العامة الأخيرة التي نشرت في عام 2011، عندما ركزت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) على إعادة تنظيم الأولويات العالمية، بعد أن بدأت تفصل نفسها عن الحروب الطويلة في العراق وأفغانستان». وبدا الأمر للمجلة وهي تنقل عن ديمبسي أن « النبرة في عام 2015 أكثر قتامة». فما الذي قاله الجنرال للمجلة؟
 
     قال بأن: « هناك خطرا قليلا، لكنه متزايد على الولايات المتحدة، في خوض حرب مع دولة كبرى في السنوات القادمة»، وأن: « روسيا أظهرت مرارا عدم احترام لسيادة جيرانها، واستعدادها لاستخدام القوة لتحقيق أهدافها»، وأنه ثمة قلقا من: « القدرات المتزايدة للصواريخ البالستية الإيرانية والكورية الشمالية»، وأنه: « انتقد مزاعم الصين بأحقيتها في كل بحر جنوب الصين وأنها تتعارض مع القانون الدولي»، وأنه: « لمكافحة التنظيمات القوية بعيدة المنال، مثل تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة والجماعات التابعة لها، يتوجب على الولايات المتحدة وحلفاؤها أن يكونوا مستعدين لخوض حرب طويلة، في أوقات غير محددة حول العالم»!!! وهذا بخلاف استراتيجية 2015 التي تتحدث عن « الردع» إلا عند « الضرورة»
    وبعد يوم من إصدارها؛ اعتبر Mike Whitney في مقالته: « إستراتيجية البنتاجون لعام 2015 لحكم العالم[20]
3/7/2015»، أن كل ما فعلته وزارة الدفاع الأمريكية هو: « ببساطة تحديث عقيدة بوش؛ ولكن في خطاب لطيف. فليس هناك حاجة لتخويف الناس في واضحة النهار بالحديث عن الأحادية، والأحاديث الاستباقية، وتجاهل القانون الدولي، أو العدوان غير المبرر. ومع ذلك، الجميع يعلم أن الولايات المتحدة سوف تفعل كل ما تريده للحفاظ على بقاء الإمبراطورية. وتؤكد وثيقة الإستراتيجية العسكرية الوطنية تلك الحقيقة المحزنة».
    بمعنى أن الولايات المتحدة تتجه نحو « العدوانية» ضد « الدول»، كعدو أخطر عليها من « الجماعات المسلحة». بل أن الحديث عن « الدول الفاشلة» و « العدوانية» في نص الإستراتيجية، يتقدم على أي حديث آخر، عن أي جماعة مسلحة، أو عن جماعات الجريمة. وهو أمر لافت حقا، في ظل ابتعاد الولايات المتحدة عن شن الحروب الشاملة!
      ففي الصفحات الأولى من الإستراتيجية العسكرية، ثمة نزوع نحول التحول ضد « الدول الفاعلة»: « على مدار العقد الماضي، تشكلت حملاتنا العسكرية بشكل رئيس من عمليات ضد الشبكات المتطرفة العنيفة. ولكن اليوم، وفي المستقبل المتوقع، يجب أن نولي اهتمامًا أكبر للتحديات التي تشكلها الدول الفاعلة. فهم يمتلكون القدرة على نحو متزايد على اكتساب حرية الحركة الإقليمية وتهديد وطننا. ومما يثير القلق بشكل خاص، انتشار الصواريخ الباليستية، وتكنولوجيات الهجمات الموجهة، والنظم الآلية، والقدرات الفضائية والشبكية، وتقنيات أسلحة الدمار الشامل، المصممة لمواجهة المزايا العسكرية الأمريكية، والحد من الوصول إلى المشاعات العالمية». ولنترك الكاتب المقيم في واشنطن، يتحدث بلسان قومه عما رآه في تقرير الإستراتيجية.
    ففي مطلع مقالته يطالعنا Mike Whitney بإدانة صريحة للعقلية الدموية التي تحكم ساسة وعسكر الولايات المتحدة، حيث يبدأ القول: « لن يجد القراء في التقرير شكلًا من أشكال الندم، على ما تسببت فيه الولايات المتحدة من دمار كبير وخسائر في الأرواح، في البلاد التي لم تشكل أدنى تهديد للأمن القومي الأمريكي. وبدلًا من ذلك، يعكس التقرير الإرادة الحديدية لمؤلفيه، والنخب الأمريكية، على مواصلة المذابح وإراقة الدماء، حتى يتم قتل جميع المنافسين المحتملين، أو القضاء عليهم، وإلى أن يحين هذا الوقت الذي تشعر فيه واشنطن بأن ثقتها بالسيطرة على مقاليد القوة العالمية غير قابلة للتحدي». وفي الفقرة التالية، يشير إلى طرق التضليل التي اتبعت لتمرير الإستراتيجية، بهدف احتواء ردود الفعل: « كما هو متوقع، يخفي تقرير الإستراتيجية العسكرية الوطنية نواياه العدائية من خلال لهجة “الأمن القومي” المضللة. وأن الولايات المتحدة لا تشرع في الحروب العدوانية ضد الدول البريئة التي تمتلك كميات كبيرة من الموارد الطبيعية. لا، بل … فقط مع “التحديات الأمنية” لـ”حماية الوطن” و”تعزيز مصالحنا الوطنية” ». وبعد هذه الفقرة، يتساءل الكاتب بصيغة الاستنكار، عما بدا استغفالا للعقول: « كيف يمكن لأي شخص أن يجادل في ذلك؟ .. ألم تكن الولايات المتحدة تحاول فقط أن تجلب السلام والديمقراطية إلى أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا الآن؟».
   تقول الإستراتيجية العسكرية: « سوف تكون صراعات المستقبل متسارعة بشكل أكبر، وتستمر لفترة أطول، وسوف تحدث على ساحة تحدي أكثر فنية .. ونحن يجب أن نكون قادرين على التكيف بسرعة مع التهديدات الجديدة، مع الحفاظ على ميزة نسبية، بالإضافة إلى الميزات التقليدية.. وتختلف تطبيقات أدوات القوة العسكرية التي يتم التعامل بها ضد الدول، تمامًا عن تطبيقات القوة العسكرية ضد تهديدات الفاعلين من غير الدول. ونحن من المرجح أن نواجه حملات مطولة أكثر من مواجهة صراعات يتم حلها بسرعة.. وأصبحت السيطرة على عمليات التصعيد أكثر صعوبة وأكثر أهمية».
    هذه الفقرة أعلاه التي اقتبسها الكاتب، يعلق عليها بصريح العبارة قائلا: « الحرب ثم الحرب ثم الحرب. هذه هي الرؤية المستقبلية لوزارة الدفاع الأمريكية». وفي حين « تمتلك روسيا والصين خطة لمنطقة تجارة حرة متكاملة بين آسيا والاتحاد الأوروبي (طريق الحرير) .. من شأنها أن تزيد من فرص العمل، وتحسين البنية التحتية الضرورية، ورفع مستويات المعيشة»، فإن: « الولايات المتحدة ترى الموت والدمار فقط في المستقبل». ولا « تمتلك .. استراتيجية للمستقبل، ولا رؤية من أجل عالم أفضل. يوجد فقط: الحرب، والحرب غير المتكافئة، والحرب التكنولوجية، والحرب الاستباقية. بل وتدعم الطبقة السياسية بكاملها، ومن يدفعون الضرائب من النخبة، بالإجماع حكم العالم، من خلال قوة السلاح. وهذا هو المعنى الذي لا يمكن تجنبه لهذه الوثيقة».
 
     يقتبس الكاتب فقرة من مقالة بعنوان: « – Pentagon Releases National Military Strategy[21] 2/7/2015»، علق فيها الكاتب Aaron Mehta على الإستراتيجية، وصدرت في موقع « أخبار الدفاع» الأمريكي، يرى فيها أن:
    « الإستراتيجية تركز على وجه التحديد على إيران وروسيا وكوريا الشمالية كتهديدات عدوانية للسلام العالمي. ويذكر أيضًا الصين، ولكنه يبدأ هذه الفقرة بالقول بأن إدارة أوباما تريد دعم صعود الصين وتشجيعها لتصبح شريكا في تعزيز الأمن الدولي واستمرار الخط الفاصل بين الصين كحليف اقتصادي والصين كمنافس إقليمي»، لكن نص الإستراتيجية يقول: « لا يُعتقد أن أيا من هذه الدول تسعى إلى صراع عسكري مباشر مع الولايات المتحدة أو مع حلفائنا. ومع ذلك، فإن تلك الدول تشكل مخاوف أمنية خطيرة، يعمل المجتمع الدولي على التصدي لها بشكل جماعي ،عن طريق سياسات مشتركة، ورسائل مشتركة، وعمل منسق»!!!
 
     ومع تذكيره القارئ بالجزء الثاني من الفقرة « لا يُعتقد أن أيا من هذه الدول … »، يعلق Whitney عليها، ملاحظا أنه: « لا توجد دولة من تلك الدول تريد محاربة الولايات المتحدة، ولكن الولايات المتحدة تريد محاربتهم. وتشعر الولايات المتحدة أن لديها مبررًا في شن حرب ضد هذه الدول، لأنها إما تسيطر على موارد كبيرة، ولديها قدرات صناعية ضخمة، وتحتل منطقة من العالم تثير الولايات المتحدة من الناحية الجيوسياسية، أو لأن هذه الدول تريد ببساطة أن تحافظ على سيادتها واستقلالها وهذا جريمة بالطبع». وبعد استعراضه للمسألة الروسية في صراعها مع أوكرانيا، وكذا ما توفره الإستراتيجية من قائمة طويلة من « الأعداء المتخيلين»، وأن قادة أمريكا « أعملوا رؤوسهم فعلا بأن روسيا هي العدو»[22] يختم بعبارة طريفة للغاية يقول فيها: « الحقيقة هي أن وزارة الدفاع الأمريكية ترى أشباحًا في كل مكان. وإذا ما كان الأمر يتعلق بتقنيات جديدة، أو تحول ديموجرافي، أو اختلافات ثقافية، فإنها جميعًا يتم النظر إليها باعتبارها تهديدًا محتملًا للمصالح الأمريكية، وخاصة إذا كان له علاقة “بالتنافس على الموارد” ». لكن هذه هي حقيقة الرأسمالية التي لا ترى في الوجود إلا سلع قابلة للتخمين وعُرضة للكسب والخسارة، ولعل الولايات المتحدة، ووفقا لاستراتيجياتها، لا ترى في نفسها حتى اللحظة إلا زعيمة للسوق.
     وعلى خطى Mike Whitney، وبعد نحو أسبوع،  صب Paul Craig Roberts جام غضبه، على ما يراه عدوانية أمريكية، لا تستطيع الحياة إلا إذا مات الآخرون. وفي مقالته: « البنتاجون: أمريكا لن تكون آمنة حتى تغزو العالم[23] 10/7/2015»، يناقش مفهوم السيادة والاستقلالية من منظور الأحادية القطبية، التي لا تتقبل الاختلاف مع الآخرين إلا كتابعين لها، وإلا فالحرب هي الفيصل في العلاقات، وهي المستقبل بالنسبة للولايات المتحدة. وتبعا لذلك لا يرى في الوثيقة: « إلا هراء، كُتب بواسطة المحافظين الجدد، من أجل إشعال الحرب مع روسيا». فلنتابع « هجمات» Roberts المدهشة:
 
    « تعلن هذه الوثيقة تحولًا في تركيز الولايات المتحدة من الإرهابيين إلى “الفاعلين من الدول ذات السيادة التي تتحدى المعايير الدولية“ .. فالحكومات التي تتحدى المعايير الدولية هي دول ذات سيادة تنتهج سياسات مستقلة عن سياسات واشنطن. وهذه “الدول الرجعية” تعتبر تهديدات؛ ليس بسبب أنهم يخططون لمهاجمة الولايات المتحدة، لاسيما وأن وزارة الدفاع الأمريكية تعترف بأن روسيا والصين ليس لديهما نية لفعل ذلك، بل لأنهم مستقلون. لذا يوجه الكاتب خطابه للقارئ بالقول: عليك أن تعي هذه النقطة جيدا: يكمن التهديد في وجود دول ذات سيادة، وأن استقلالها فيما تقوم به يجعلها “دولًا رجعية”. وبعبارة أخرى، فإن استقلالهم لا يتماشى مع مسار العقيدة أحادية القوى للمحافظين الجدد، والتي تنص على أن العمل المستقل هو حق لواشنطن وحدها. وتمنع المعطيات التاريخية لهيمنة واشنطن أي دولة أخرى من أن تكون مستقلة فيما تفعل. ومن هذا المنطلق، فإن أي دولة ذات سياسة خارجية مستقلة عن سياسة واشنطن تشكل تهديدًا».
  وبلفتة ساخرة تجد صداها فيما تزعمه استراتيجية الأمن القومي من اهتمام بالقيم والمعايير القانونية والحقوقية يلاحظ Roberts بأن: « تقرير وزارة الدفاع الأمريكية جاء واضحًا في نفاقه بما فيه الكفاية، كما هو الحال بالنسبة لجميع البيانات التي تصدر عن واشنطن، ليعلن أن واشنطن “ تدعم المؤسسات والعمليات التي تم إنشاؤها خصيصًا من أجل منع حدوث الصراعات، واحترام السيادة، وتعزيز حقوق الإنسان“. ويأتي هذا من جيش تابع لحكومة قامت بغزو، وقصف، والإطاحة بـ 11 حكومة، مما أدى إلى قتل وتشريد الملايين من الشعوب، منذ نظام كلينتون. وحتى الآن يعمل النظام على الإطاحة بالحكومات الموجودة في أرمينيا وقرغيزستان والإكوادور وفنزويلا وبوليفيا والبرازيل والأرجنتين. وتتعرض روسيا للانتقاد .. لكونها لا تعمل “وفقًا للمعايير الدولية”، وهو ما يعني أن روسيا لا تتبع القيادة الموجودة في واشنطن، ولا تتصرف كتابعة لها، وهو سلوك لا يحق لأي أحد سوى للدولة أحادية القوة».
     وفي الإجمال: « لا يوجد أي شيء آخر يمكن أن يقال عن التقرير .. الذي يبرر الحرب تلو الحرب حتى لا يبقى أحد. وبدون الحروب والغزوات، فإن الأمريكيين لن يكونوا آمنين». أما أبلغ نقد وجهه الكاتب للتقرير فجاء في آخر فقراته حين قال: « يخبرنا تقرير وزارة الدفاع الأمريكية بأن الحرب مع روسيا هي المستقبل ما لم توافق روسيا على أن تصبح دولة تابعة لواشنطن مثل كل دول أوروبا، وكندا، وأستراليا، وأوكرانيا، واليابان. وإذا كان الأمر خلاف ذلك، فقد قرر المحافظون الجدد أنه من المستحيل على الأمريكيين أن يحتملوا العيش في عالم توجد به دول تأخذ قراراتها بعيدًا عن واشنطن. فإذا لم تكن أمريكا هي القوة الوحيدة التي تعطي الأوامر للعالم، فمن الأفضل أن نموت جميعا. أو على الأقل يموت الروس».
       من جهته يناقش Peter Harris في مقالته: « بانخفاض حجم الجيش: هل تنتهي الهيمنة الأمريكية؟ – 14/7/2015»، جدلية العلاقة بين الهيمنة وتخفيض عدد الجيش، وموقف النخبة السياسية الأمريكية من مسألة القيادة والهيمنة. ولا ريب أن التخفيض يتعلق بالتوجهات الإستراتيجية الجديدة وبالأزمات الاقتصادية والديون بالإضافة إلى التطور في عالم الحروب الرقمية. ويلاحظ Harris أن: « البعض تفاجأ من قرار الإعلان عن أنّ الجيش الأمريكي سوف يفقد40 ألفًا من الجنود و17 ألفًا من الموظفين المدنيين بحلول عام 2017» .. وأن: « هذه التخفيضات ليس لها علاقة بتقييم أوباما للبيئة الأمنية على المدى القصير، لكنها دليل قبول على المستوى الكلي من قِبل النخبة السياسية الأمريكية بأنه ينبغي السماح بتراجع التفوق العالمي للبلاد، ولاسيما من الناحية العسكرية». وأكثر من ذلك أن: « الطبقة السياسية في الولايات المتحدة قد أذعنت بشكل فعّال في الغربلة للتراجع عن التفوق العسكري للبلاد».
   ويشير في موضع آخر، في إطار الجدل الدائر حول خفض الإنفاق، إلى أن: « الاختيار الضمني الذي يواجهه قادة أمريكا ينحصر بين الاستثمار للحفاظ على هيمنة الجيش أو قبول تقليص عدد القوات. بهدوء، وعلى مضض، وربما حتى عن غير قصد، تميل السياسات المالية في أمريكا إلى الخيار الأخير».
   في عرضه لتاريخية انتشار الجيش الأمريكي، وقدرته على خوض حروب متعددة في وقت واحد، يكشف الكاتب عن مخاطر تتهدد القدرة على الانتشار بفعالية. وبحسب خطط الإنفاق الحالية، فإن: « التوقعات تشير إلى أن الجيش الأمريكي سوف ينخفض إلى حوالي 420 ألف جندي، وهو الحجم الذي حذّر المخططون العسكريون أنّ من شأنه أن يخاطر بقدرة الجيش على الانتشار بفعالية في مناطق الحروب المتعددة في وقت واحد». وبحسب منطق الرئيس جون كنيدي: « كان من المفترض أن يكون الجيش قادرًا على شن حربين ونصف على نطاق واسع في وقت واحد»، لكن بدلا من القدرة على « خوض ثلاث حروب ونصف في وقت واحد»، بحسب خطط وزير الدفاع، كاسبر واينبرغر، في ثمانينات القرن الماضي، انتهت الطموحات لدى روبرت غيتس سنة 2010 إلى التأكيد على أن: « الولايات المتحدة لم تعد مستعدة لخوض حربين في وقت واحد، وتفضل بدلًا من ذلك تنظيم نفسها لمواجهة التهديدات غير التقليدية مثل الأمن الإلكتروني والإرهاب».
   هذا التحول، سواء في القدرة أو الطموح، دفع الكاتب للقول بأن: « هذه الجاذبية البعيدة عن التخطيط للقتال والفوز بالحروب البرية الكبيرة سوف تزداد إذا تقلص حجم الجيش على نحوٍ غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية» .. ويضيف أنه: « بمجرد أن تفقد الولايات المتحدة قدرتها ورغبتها في الحفاظ على الهيمنة العسكرية فوق جميع جيوش العالم، سيكون من الممكن طرح سؤال منطقي وهو: ما هي الجدوى من وجود جيش مكوّن من 420 ألف جندي أو 400 ألف أو حتى 300 ألف؟».
  لذا، وأمام هذه المعطيات، لم يجد الكاتب بداً من التذكير بما كتبه زميله، تشارلز كروثامر، قبل نحو ربع قرن حين قال: « إن أكبر تهديد يواجه “اللحظة الأحادية القطب” لأمريكا لن يكون التحدي الخارجي لهيمنة الولايات المتحدة، وإنما عدم الرغبة المحلية في دفع ثمن القيادة الدولية. وفي الآونة الأخيرة، ذكر روبرت ليبر الشيء نفسه بشكل مقنع». ولعل أميز ما في هذه الفقرة، أنها قيلت على لسان كروثامر، في زمن لم تكن فيه أزمات اقتصادية حادة كما هو اليوم، ولا جماعات معادية للولايات المتحدة، ولا ديون مستفحلة. وإنْ صح ما ورد فيها، فهذا يعني أن أمريكا تترهل منذ زمن. ومع ذلك؛ وفي تعليقه على الانتقادات الموجهة للرئيس الأمريكي بخصوص السياسة الخارجية، دافع الكاتب ديفيد إغناتيوس في صحيفة « الواشنطن بوست[24] – 11/9/2015»، القريبة من البيت الأبيض، عن الرئيس وسياسته مشيرا إلى أن: « الأمر الأهم بشأنها هو الفهم الصحيح لما يجري في العالم والتوظيف المبدع لقوة أميركا». فمن جهته يرى أن: « الرئيس .. حاول بكل جهده أن يكون مبدعا في تفادي الأخطاء السابقة في استخدام قوة أميركا، لكنه تعرض لانتقادات واسعة تصفه بالضعف والفشل في إيقاف روسيا والصين اللتين تسببت محاولاتهما لإبعاد أميركا من الشرق الأوسط في مشاكل أكثر من أن تحل المشاكل التي كانت موجودة». وبحسبه، فإن ما يقال عن ضعف أوباما هو « شخصنة» و « استخفاف بجدية السياسة الخارجية».
   ولأن: « كثيرا من الجمهوريين، الذين يسعون لخلافة أوباما، تشمل أفكارهم إمكانية استعادة عظمة أميركا، بالمزيد من استخدام القوة»، إلا أن « هذا التوجه يتجاهل التغييرات الكثيرة التي جرت في العالم، والتي من شأنها إبطال فعالية النماذج القديمة لقوة أميركا». لذا، وبحسب الكاتب أيضا فإن: « الرؤية البديلة حول القوة هي التي تتماشى مع حقائق القرن الـ21، والتي تأخذ في الاعتبار أن التكنولوجيا والاتصالات جزأت الدول والتحالفات، وجعلت مشروعات القوة تحديا مختلفا تماما عما كان»، وأن: « الأمر الصحيح هو الذي يتجه للتقاسم العادل للنفوذ في العالم، ويحرص على أن كل الأطراف المعنية تحظى بنصيبها المناسب .. هذا هو النقاش الذي تحتاج إليه أميركا في موسم الحملات الانتخابية الحالية».
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الفصل الثاني
استراتيجيا التحالف الدولي في العراق
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
مدخل في منطق الحرب وأهدافها
 
    منذ 31 آب/أغسطس 2014، الإعلان الرسمي عن أول غارة أمريكية في العراق على « الدولة الإسلامية في العراق في الشام»، والإعلان عن التحالف الدولي، وسيول التصريحات تتدفق بلا توقف من شتى أنحاء العالم. وإذا كان من رابط يجمع فيما بينها، فهو التخبط والارتباك والغموض والتناقضات والسخافات والجدل والانتهازيات والأكاذيب والجهل المدقع، الممزوج بكوميديا سياسية، دشنها كبار الساسة الأمريكيين، ومرشحي الرئاسة، في دولة لا يزال قادتها ومفكروها وجنرالاتها، يتحدثون عن التفوق الأمريكي وقيادة العالم. كل هذا وأكثر منه نجده صراحة، وبلا أية مواراة، في الإستراتيجية الأمريكية في العراق، وفي متعلقاتها، من بحوث ومقالات وتعليقات وتصريحات واستجوابات وشهادات وبيانات ومناظرات وتحليلات.
        « ما يجري في المنطقة هو الجنون .. قبل بضع سنوات كنا نستطيع التنبؤ بالأحداث لعشرين أو ثلاثين سنة قادمة لكننا اليوم لا نستطيع التنبؤ بما يحدث ولو لسنة أو سنتين … فالأحداث تتغير بشكل يومي»!!! أو هكذا. عبارة قالها المؤرخ العراقي د. سيار الجميل، في مقابلة له على قناة « الجزيرة» في برنامج « في العمق – 19/1/2015».
     في هذا الخضم، مما يمكن تسميته فعلا بمهرجان الجنون، قد يكون من الممكن تصنيف المواضيع المتشعبة والغوص فيها وتوثيقها، لكن البحث عن الخيط الذي يفكفك العقد التي خلفها هذا الجنون، سيكون بالغ الصعوبة. وفي خضم هذا الجنون أيضا، تبرز عدة مشاهد في المتابعة والتقييم، ليس بعيدا منها (1) مشهد دولة قادت العالم ،وتزاحم على الاحتفاظ بالقيادة والهيمنة والتفوق، لعشرات السنين القادمة لكنها تعيش، على وقع الصراعات الأيديولوجية والإدارية بين الوكالات والأجهزة المتنافسة، في حالة غير مسبوقة من الفوضى، ولا غريبا عنها (2) ذلك المشهد الذي يشي بخدعة ما أو حتى مؤامرة، حققت نجاحا منقطع النظير، في تضليل عالَم برمته، وأوله عالم الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، أو (3) ذلك المشهد الذي ينعطف فيه العالم، أو بلسان الرئيس الأمريكي « يتغير»، وبموجبه تفقد القوى العظمى السيطرة على مجريات الأحداث.
   في السياق؛ فإذا كان من الطبيعي أن تتميز استراتيجيات الأمن القومي بالعمومية، تاركة التفاصيل لما هو دونها من استراتيجيات، فضلا عن ردود الفعل، فإن ما تبع الإستراتيجية الأمريكية في العراق، من ردود ليس أقل من كونها مشهد لمناقشات علنية صارخة، وتفاصيل مملة لحقيقة التراجع الأمريكي في أحط مستوياته. ومع ذلك لا ينبغي الاستسلام للمتشابهات من التصريحات والتعليقات وغيرها؛ والتغافل عن الحقائق التي ميزت التدخل الأمريكي عبر ما عرف بالتحالف الدولي، وما خلفه في العراق وسوريا على السواء، بل وفي المنطقة، من كوارث تنذر بعواقب وخيمة في السنوات القادمة، حتى لو كانت على شاكلة حرب عالمية ثالثة ساحتها دولة كسوريا، بخلاف الحروب السابقة، أو متعددة الساحات كما يتخوف الكثير. وهي مخاوف لم يفلت من إفشائها حتى هنري كيسنجر، وكذا ماجد نواز الذي رأى أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما « لو استخدم صفتين في سياسته الخارجية هما القيادة والرؤية الإستراتيجية»، لما وصل الحال « أن يقف الشرق الأوسط اليوم على حافة حرب عالمية ثالثة»[25].
   المنطق الأمريكي وغيره يقول بأن الولايات المتحدة سحبت قواتها من أفغانستان والعراق، لتتخلص من الورطة التي وقعت بها، وتسببت بارتفاع مهول بالإنفاق والديون، فضلا عما تعرضت له من استنزاف قيمي، مس مكانة لبلاد في الصميم. والسؤال: إذا كان على الولايات المتحدة أن تتدخل عسكريا في العراق أو سوريا، وفشلت ثانية في الحد من تضخم التيار الجهادي في العالم أجمع، فهل ستسحب جيشها ثانية كما فعلت من قبل؟ ولما يكون الأمر محتملا فلماذا تتدخل من الأصل؟ وماذا سيتبقى لها من نفوذ؟ بل كيف سيكون حال الولايات المتحدة إذا ما تحملت فشلا ذريعا ثانيا في المنطقة؟ ومن أين ستغطي تكاليف التدخل في ظل ديون تفوق إجمالي الناتج القومي؟ وإذا كانت الولايات المتحدة تتلقى مثل هذه التساؤلات؛ فهل بمقدور الدول العظمى الأدنى مكانة ونفوذا وتفوقا أن تتلقى مثلها أو أقل منها؟
    الحقيقة أن مثل هذه التساؤلات المرعبة، التي لم يختبر آثارها ميدانيا أية دولة في العالم كما اختبرتها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، هي التي تلقي بأثقل الظلال القاتمة على وثائق استراتيجيات الأمن القومي، وما دونها من استراتيجيات، فضلا عن  إجمالي السياسات الأمريكية. وهي الأسئلة التي ظلت، ولمّا تزل تمثل أبرز الكوابح الحاسمة في أي تدخل أمريكي محتمل « وسط تحذيرات من التهديدات المتزايدة للأمن القومي الأميركي، خاصة القوة المتزايدة للجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة» وفقا لرؤية صحيفة « كريستيان ساينس مونيتور – 5/2/2014» الأمريكية، والتي تظن أيضا أنه من سوء الطالع أن « تهديد القاعدة .. والجماعات التابعة لها .. في سوريا وصل إلى تلك النقطة التي من المرجح أن تدفع إلى استخدام القوة».
   ومع ذلك، وعشية وقوع مدينة الموصل العراقية بيد « الدولة الإسلامية في العراق والشام – 10/6/2014»، وما تبعه من بدءٍ للضربات الجوية في العراق وسوريا، أصر الرئيس الأمريكي أمام محاوره من شبكة « bloombergview[26] – 5/3/2014»، على ما اعتبره موانع من التدخل في سوريا قائلا: « لقد قدمنا المساعدات العسكرية للمعارضة المعتدلة في سورية، وفعلنا ذلك بطريقة اكبر مما يمكن للمعارضة استيعابه، ولكن الحقيقة هي انك إذا حاولت تغيير الوقائع العسكرية على الأرض، كان ذلك سيتطلب نوعا من التدخل للقوات الأميركية المسلحة كبيرا، إلى درجة أننا سنحتاج إلى تفويض دولي للقيام به، فأنت ليس لديك تفويض من الأمم المتحدة، ولا من الكونغرس، ورأينا ما حصل (في الكونغرس) حتى في موضوع محصور بالأسلحة الكيماوية».
 
    بطبيعة الحال؛ فإن تصريحات الرئيس الأمريكي تقع في نطاق إستراتيجيتا 2010 و2015، اللتان شددتا على الالتزام بمكانة القيم الأمريكية، والتقيد بها محليا، كمؤشر على انضباط الولايات المتحدة، وتوافق سياساتها مع القانون والمعايير الدولية للتدخل. لذا فإن الجدل حول طلب تفويض من الكونغرس الأمريكي يسمح بالتدخل، إنما يرجع في جزء منه إلى قيود الاستراتيجيات ذات المنزع الأيديولوجي، وفي جزء آخر إلى المراوغات الساعية في الحقيقة، إلى التهرب من التدخل ذاته. وهو ما عبر عنه الكاتب الأمريكي، ديفيد إغناتيوس، في مقالته بصيحفة « الواشنطن بوست – 28/3/2014» حين قال بأن أوباما: « انتهج نهجا براغماتيا تجاه سوريا بإعطاء الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) الدور الرئيسي بمساندة وزارتي الخارجية والدفاع»[27]. وفي لكن زميله ريتشارد كوهن كان أكثر وضوحا منه، حين أقرّ بأن: « أوباما يبدو غير مبال بشأن حمام الدم الذي يتدفق في سوريا، والذي ينذر بحمام دم على المستوى الإقليمي»، و: « أن الأحداث تتكرر بدمشق، وإن الفوضى تدب في البلاد من جديد، ولكن أوباما لا يبدو مهتما بوقف الحرب التي تنذر بالانتشار على المستوى الإقليمي»[28].
      لم يتغير الموقف الأمريكي بشأن خوض حرب أمريكية شاملة، في العراق أو سوريا أو في كليهما معا، لا باستعمال الرئيس السوري للسلاح الكيماوي من قبل، ولا حتى بعد حدث سقوط مدينة الموصل العراقية في 10/6/2014 بيد « الدولة الإسلامية في العراق والشام» من بعد. لكن الموقف تغير فقط باتجاه العمل على « تشكيل تحالف دولي»، تكون فيه الولايات المتحدة « مجرد شريك». وهو منطق ينزع إلى التوريط، بحيث يتحمل الجميع المسؤولية في التكاليف والخسائر، وبقدر أو حتى بما لا يقل عما تتحمله أمريكا. وقد يبدو هذا التغير شكلا من أشكال التراجع الأمريكي، وهو كذلك في جزء منه، لكنه منطق « القيادة من الخلف» الذي حل محل استراتيجيات سابقة، أو ما يسمى بـ « حروب التكلفة» التي كانت تقضي بقدرة أمريكا على خوض أكثر من حربين في وقت واحد، وفي مكانين مختلفين.
   في ظل هذا المنطق؛ توجه وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إلى المنطقة التي لم يغادرها، حتى التقى في مدينة جدة السعودية (11/9/2014) أحد عشر وزيرا، من بينهم وزراء دول مجلس التعاون الخليجي ووزراء عدة دول إقليمية، وسط « حماس أردني ولبناني». وبعد يوم من المناقشات، تمخض عن تشكيل نواة للتحالف من 11 دولة، قال وزير الخارجية السعودي الراحل، سعود الفيصل: « إن أي تحرك أمني ضد الإرهاب لا بد أن يصاحبه تحرك جاد لمحاربة الفكر الذي ينتمي إليه»[29]. وفيما عدا تركيا التي أعلنت أنها ستركز جهودها كليا على المسألة الإنسانية، شدد البيان المشترك على أن الدول المشاركة: « وافقت على أن تقوم كل منها بدورها في الحرب الشاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية»، وأن « المشاركة» تشمل: « (1) وقف تدفق المقاتلين الأجانب عبر الدول المجاورة، و (2) مواجهة تمويل تنظيم الدولة الإسلامية وباقي المتطرفين، و (3) مكافحة أيديولوجيتها التي تتسم بالكراهية، و (4) وضع حد للإفلات من العقاب، وجلب المرتكبين أمام العدالة». كما تحدث البيان عن ضرورة: « المساهمة في عمليات الإغاثة الإنسانية والمساعدة في إعادة بناء وتأهيل مناطق الجماعات التي تعرضت لبطش تنظيم الدولة الإسلامية، ودعم الدول التي تواجه الخطر الأكبر من التنظيم»[30].
     وفي جلسة مجلس الأمن الدولي (20/9/2014) التي ترأسها وزير الخارجية الأمريكي، لبحث التطورات الأمنية في العراق، وحيث بات التحالف حقيقة واقعة، تحدث كيري عن هوية « (1) التحالف المطلوب للقضاء على تنظيم الدولة» مبينا أنه « ليس تحالفا ذا طابع عسكري فقط، ولا حتى تحالفا عسكريا بالأساس»، أما عن حدوده فطالب بأن « (2) يكون تحالفا شاملا، وأن يشتمل على تعاون وثيق يجمع ضروبا متعددة من الجهود» … أما وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، فركز على المخاطر، مع التشديد على: « ضرورة محاربة تنظيم الدولة قبل امتداد تهديداته إلى خارج المنطقة»[31].
المبحث الأول
بناء التحالف الدولي (أدوات تنفيذ الإستراتيجية)
   تحت سلطان « الشراكة»، الذي بموجبه تستعمل الولايات المتحدة جيوش الدول الأخرى ولوجستياتها، فضلا عن توظيف القوى المحلية، كرأس حربة على الأرض في مواجهة الخصوم؛ بدأ الحديث عن تشكيل التحالف الدولي غداة سقوط الموصل. ففي يوم 9/9/2015 أعلنت وكالة « رويترز» البريطانية للأنباء أن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، شرع في زيارة مفتوحة إلى المنطقة سعيا منه: « لبناء تحالف أوسع من الشركاء في مختلف أنحاء العالم لمواجهة الدولة الإسلامية وهزيمتها في نهاية المطاف». وفي ذات الوقت أعلنت الناطقة باسم الخارجية الأميركية، جنفير بساكي، إن: « أكثر من أربعين دولة ستشارك بشكل أو بآخر في هذا التحالف» .. وأن الهدف منه هو: « التنسيق في مواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية»[32]. أما « التنسيق»، بحسب دبلوماسي أميركي، فيعني « تعزيز التعاون العسكري بين دول المنطقة»، وبحسب المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش أرنست، عنى: « التعامل مع الخطر الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية على المواطنين الأميركيين»[33]، وبحسب المتحدث باسم الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، فإن: « مثل هذه المبادرة ( دون موافقة الحكومة الشرعية (في سوريا)، وفي ظل غياب قرار من مجلس الأمن الدولي، ستشكل عملا عدائيا وانتهاكا فاضحا للقانون الدولي»[34].
    وفي كلمته الإذاعية الأسبوعية في 20/9/2014 شدد الرئيس الأمريكي على أن: « هذه الحرب ليست حرب الولايات المتحدة فقط وإنما كل شعوب المنطقة ودول العالم». وهو ما يعني أن مفردة « الشركاء» ستظل الكلمة المفتاحية، وحجر الزاوية في الحروب الأمريكية الراهنة، على الأقل في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما. ولأن « حروب التكلفة» قد ولى عهدها، فإن الحروب القادمة للولايات المتحدة، وبموجب منطق «القيادة من الخلف»، ستكتفي من جهتها بالمستشارين العسكريين والاستخبارات والقوى الناعمة من ديبلوماسية ومراكز أبحاث وإعلام واتصال، في حين ستستعمل من الجهة الأخرى، وبشكل مباشر، القوى المسلحة من وكلاء أو أدوات تشمل كل من (1) الدول، و (2) والقوى المسماة بـ « المعتدلة»، و (3) المليشيات، و (4) المرتزقة، و (5) القوى الاجتماعية، كالعشائر والطوائف والأقليات والقوميات، و (6) قوى تقاطع المصالح، و (7) والقوى الدينية والأكاديمية، و (8) جيوش الإعلام والاتصال، وإذا لزم الأمر، في العالم الإسلامي على وجه التحديد، (9) إجمالي المسلمين ممن تتعامل معهم القوى الدولية، كـ « طائفة»، وتسميهم بـ « السنة»، وحتى « شعوب المنطقة» بحسب الرئيس الأمريكي. لذا؛ وبحسب صحيفة « نيويورك تايمز – 11/9/2014»، فقد كان أوباما، في خطاب الإستراتيجية « حريصا على عدم تشبيه التحالف الذي تعتزم إدارته تشكيله بذلك الذي قاده سلفه الرئيس جورج بوش لغزو العراق»[35].
  بمعنى آخر فإن جهود الولايات المتحدة في حشد الشركاء ستتوجه، بشكل مباشر أو عبر تقاطع المصالح، لما يسمى بقوى « الإسلام الرسمي» ( النظم السياسية) أو « الإسلام الشعبي» ( العامة) أو « الإسلام الوسطي» ( الجماعات الإسلامية) أو « الإسلام الفِرَقي» ( التيارات والفرق) أو دعاة « الإسلام المستنير» أو شرائح « الإسلام الصنمي» … إلخ في مواجهة كافة الجماعات الجهادية حتى ذات النزعة المحلية منها وليس فقط « القاعدة» وجماعاتها أو « الدولة الإسلامية» وولاياتها. ولعل في تجربة الجزائر سنة 1992 ومصر سنة 2013، أمثلة صارخة على تفضيل النظام الدولي برمته لحكم العسكر على حكم الجماعات الإسلامية، ولو كانت سلمية القول والفعل، ماضيا وحاضرا ومستقبلا.
    فيما يسمى بالخطة الأولى*، وهي دعم الدول بشكل مباشر، شرعت الولايات المتحدة، وقبيل ساعات من خطاب للرئيس أوباما يوضح فيه إستراتيجيته، تم الإعلان في 10/9/2014 (بالتوقيت الأمريكي) عن « مساعدات عسكرية فورية لحكومتي بغداد وكردستان العراق لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية». وجاء الإعلان عبر مذكرة وضعها البيت الأبيض على موقعه في شبكة الانترنت تفيد بأن « الرئيس أوباما وافق على تقديم 25 مليون دولار للمساعدة في التعليم والتدريب»[36]. وفي كلمة له في 17/9/2014، أمام حشد من جنود القيادة المركزية في ولاية فلوريدا، قال أوباما أنه: « لن يجرّ القوات الأميركية إلى حرب في العراق، وإن أكثر من أربعين دولة عرضت مساعدة التحالف ضد تنظيم الدولة»[37].
    ومن جهته أكد وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، أن: « الإستراتيجية الأميركية لمواجهة تنظيم الدولة، لا تشمل إرسال قوات أميركية برية للقتال هناك وأن البديل هو دعم القوات المحلية التي تقاتل التنظيم»، مشيرا إلى أن « بلاده لا تريد من جميع الدول الاشتراك في العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة». وفي حديثه أمام « الكونغرس- 18/9/2014»، قال كيري: « إن الدول المشاركة في التحالف ضد تنظيم الدولة ستقوم بأدوار محددة»، وأنها « ستساهم في تمويل الحملة ضد تنظيم الدولة»[38]، وأشار أمام « مجلس الأمن 20/2/2014»، إلى أن: « هناك دورا لكل دولة في العالم تقريبا لمحاربة تنظيم الدولة بما في ذلك إيران»[39]. ومن جانبهم تعهد المشاركون في مؤتمر الأمن والسلام في العراق، الذي عقد في باريس 15/9/2014 بمشاركة 29 دولة، بـ « الدعم العسكري المناسب» للعراق.
 
   أما رئيسة اللجنة الفرعية للمخصصات المالية للعمليات الخارجية في مجلس النواب الأميركي، الجمهورية كاي غرانغر، فقد بعثت برسالة للرئيس الأمريكي في 20/2/2014، قالت فيها أنها: « ستفعل كل ما في وسعها، بما في ذلك تعطيل تشريع خاص بالإنفاق، لإرغام الإدارة الأميركية على تقديم طائرات مقاتلة وأسلحة وغيرها من المساعدات للحلفاء الذين يقاتلون تنظيم الدولة الإسلامية». وفيما أوضحت النائبة في رسالتها أن « مصر تحتاج طائرات F16 وأسلحة أخرى علقتها الإدارة الأميركية منذ 2013»، حثت من جهة أخرى الإدارة الأمريكية على « إعطاء الأولوية لتقديم أسلحة للأردن وتزويد الأكراد العراقيين بالعتاد والتدريب»[40].
 
    وفي 23/2/2015 كان وزير الدفاع الجديد، أشتون كارتر، في قاعدة « عريفجان»  في الكويت للقاء قيادات الجيش الأمريكي، وتقييم الوضع العسكري، الذي ورثه عن سلفه تشاك هيغل. ومن هناك رحب باستعداد الكويت لاستضافة القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي، التي تشارك في الحملة. وقبيل الاجتماع طمأن الكويت على أمنها، مشيرا إلى أن: « التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة يدفع تنظيم الدولة الإسلامية بفاعلية بعيدا عن الكويت وعن أماكن أخرى»، ومؤكدا في نفس الوقت أن: « تنظيم الدولة لا يشكل خطرا على العراق وسوريا فقط، إنه خطر على نطاق أوسع في المنطقة»[41].

   حتى النظام النصيري في سوريا بدا في صلب التحالف الدولي، لولا الحرج الذي سيشكله الإعلان عن ذلك. ففي مؤتمر صحفي، في ختام قمة دول العشرين بأستراليا (16/11/2014)، كانت مشكلة الرئيس الأميركي، باراك أوباما بلسانه أن: « الوقوف إلى جانب (الأسد) ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام سيضعف التحالف خاصة وأنه فقد شرعيته بالكامل في نظر الجزء الأكبر من بلده»، لكنه أوضح أن: « واشنطن أبلغت حكومة سوريا بألا تهدد الطائرات الحربية الأميركية التي تحلق في المجال الجوي السوري»[42]. أما الرئيس السوري فقال في مقابلة له مع محطة « BBC -10/2/2015» البريطانية أن: « أطرافا ثالثة تقوم أحيانا بنقل الرسائل العامة .. ليس هناك حوار، هناك معلومات .. من خلال أطراف ثالثة، هناك أكثر من طرف، هناك العراق وبلدان أخرى، تقوم أحيانا بنقل الرسائل العامة لكن ليس هناك شيء على المستوى التكتيكي»[43]. لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جون كيربي، نفى ذلك في اليوم التالي قائلا: « لا نقوم بالتنسيق سواء بشكل مباشر أو غير مباشر»[44].
    وفيما يتصل بالدور « الإسرائيلي» فقد نقلت « رويترز – 9/9/2014» أيضا عن دبلوماسي غربي (8/9) تأكيده مشاركة « إسرائيل» في التحالف المنتظر، مشيرا إلى أن: « المعلومات الإسرائيلية ستصل إلى شركاء الولايات المتحدة؛ وقد أزيلت عنها اللغة العبرية والعلامات الأخرى». وأن: « إسرائيل قدمت معلومات استخبارية وصورا التقطت عبر الأقمار الاصطناعية لدعم الحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق»، وأوضح الدبلوماسي الغربي أن: « أقمار التجسس الاصطناعية الإسرائيلية، التي تحلق فوق العراق بزوايا وترددات غير متاحة لنظيرتها الأميركية، قدمت صورا أتاحت لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) استكمال معلوماتها والحصول على تقييم أفضل للأضرار بعد ضربات على أهداف تابعة لتنظيم الدولة». كما: « قدمت إسرائيل معلومات، استقتها من قواعد بيانات سفر دولية، عن مواطنين غربيين يشتبه في انضمامهم للتنظيم، حيث من الممكن أن يتم تجنيدهم مستقبلا لتنفيذ هجمات في أوطانهم الأصلية». وأن: « الإسرائيليين على اطلاع جيد على قاعدة بيانات الركاب، وعلى تحليل مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية للحصول على فكرة أفضل عن هؤلاء الأشخاص»[45]. ورغم رفض « إسرائيل» التعليق على هذه المعلومات، إلا أن وكالة « رويترز» نقلت عن وزير المالية « الإسرائيلي»، يائير لابيد، عضو الحكومة الأمنية المصغرة، قوله في مؤتمر استضافته كلية «IDC»: « إن إسرائيل يجب أن تبني تحالفا عقلانيا تكون فيه المخابرات الإسرائيلية جزءً من الجهود الإقليمية ضد تنظيم الدولة وحزب الله اللبناني والقاعدة»[46]. أما عبارة « تحالفا عقلانيا» فتعني وجوب الابتعاد عن الاستثمارات السياسية والمهرجانات الإعلامية وكل ما يؤدي إلى أضرار في العمل الأمني.
المبحث الثاني
الأغطية الشرعية للتحالف
في حرب الخليج الثانية سنة 1991، تم تشكيل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة استهدف إخراج القوات العراقية من الكويت. وفي ذلك الوقت تعرض الغطاء الشرعي إلى تمزق شديد خاصة في مستوى الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وفي مستوى المجتمعات. وفي أعقاب هجمات 11أيلول/سبتمر 2001 لم يكن ثمة حاجة بالولايات المتحدة لغطاء شرعي لاحتلال أفغانستان، ولا حتى العراق. أما في التحالف الراهن ضد « الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق و « أينما كانت» فقد بدا مصدر الغطاء الشرعي، وليس الغطاء الشرعي بحد ذاته، مثيرا للدهشة، وهو يأتي على لسان القوى الدولية، خاصة قادة الولايات المتحدة الأمريكية.
   عشية خطابه عن إستراتيجيته في مواجهة « الدولة الإسلامية»، تحدث الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إلى صحيفة « نيويورك تايمز – 8/9/2014»، عن رغبته في: « بحث توسيع استخدام الضربات العسكرية في العراق» لصد ما أسماه بـ « المتشددين الإسلاميين»، الذين: « لن نسمح لهم بإقامة خلافة بصورة ما في سوريا والعراق»، لكنه استدرك قائلا: « لا يمكننا فعل ذلك إلا إذا علمنا أن لدينا شركاء على الأرض قادرين على ملء الفراغ». ومن العجيب أن أوباما تحدث في نفس المقابلة عن جذور المشكلة، وليس عن تجلياتها، وبما لم يسبق له مثيل، حين قال: « إن ما نراه يحدث في الشرق الأوسط ومناطق من شمال أفريقيا هو بداية تصدع نظام يعود إلى الحرب العالمية الأولى»، وبحسبه فإن: « تنظيم الدولة الإسلامية لا يستهوي السنة، لكنه يملأ فراغا في مناطقهم، يضطرنا إلى ألا نبحث فقط عن مجابهة هذا التنظيم عسكريا، ولكن أن نعرف كيف سنخاطب السنة في هذه المنطقة»، لاسيما وأن: « في العراق أقلية سنية، وفي سوريا أغلبية سنية، وهما متواصلتان وممتدتان من بغداد حتى دمشق، وما لم نجد صيغة تلبي طموح هذه الشعوب فلا بد أن نقع في مشكلة»[47].
    لكن أطرف ما في الخطاب، وفيما بعد التصريحات الأمريكية، هو وصف « المتشددين الإسلاميين» بأنهم « لا يمتون للإسلام بصلة»!!! وهذا يعني، بحسب الأمريكيين، أن خطر « الدولة الإسلامية» صار يقع على الإسلام نفسه!! ولعمري أن شيوخا راسخة في العلم عجزت أن تتحمل وزر مثل هذه العبارة وتبعاتها. فما شأن أوباما وإدارته في الإسلام والمسلمين؟
    مع ذلك لم تتوقف الولايات المتحدة عن الإدلاء بمثل هذه التصريحات. ولعل أعجب التصريحات الأمريكية هي تلك التي عكست ما يشبه « الوصاية على الإسلام والمسلمين»، على الرغم من أن التصريحات ذاتها رفضت ما رأت أنه مزاعم وصاية من « الدولة الإسلامية» على الدين. فبينما كان هناك 26 من رؤساء الأركان والقادة العسكريين يجتمعون في العاصمة السعودية – الرياض لتقييم الحملة الجوية، كرر الرئيس الأمريكي ذلك في اليوم الختامي لـ « قمة واشنطن لمكافحة التطرف العنيف»، التي عقدت في البيت الأبيض في الفترة ما بين 17-19/9/2015، حتى بدا « وصيا ومدافعا عن الإسلام والمسلمين في وجه التطرف والإرهاب».
   فقد استعمل، إلى حد ما، ذات العبارة التي وردت في إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي لسنة 2015، القائلة بأن: « أمريكا ترفض الأكذوبة القائلة بأنها وحلفاءها في حالة حرب مع الإسلام»، إذ قال في كلمته أمام القمة في 18/9/2015، إن: « من الواضح أن هناك تاريخا معقدا بين الشرق الأوسط والغرب، وما من أحد بيننا محصن من الانتقاد بهذا الشأن، لكن فكرة أن الغرب يشن حربا على الإسلام هي كذبة بشعة، وتقع على عاتقنا جميعا مسؤولية رفض ذلك، بغض النظر عن دياناتنا». وأضاف: « لسنا في حالة حرب مع الإسلام[48] بل مع من حرّفوا الإسلام»[49]!!، مشيراً إلى أن « الأفراد مسؤولون عن العنف والإرهاب وليست الأديان». أما: « الإرهابيون فلا يتحدثون باسم المسلمين»! وأن: « قادة تنظيم الدولة الإسلامية ليسوا قادة دينيين، إنهم إرهابيون»، وأن: « الإسلام بريء من عنف التنظيمات الإرهابية التي لا علاقة لها بالإسلام»، كما رأى بأن: « الحرب على مثل هذه الجماعات يجب أن تخاض في العقول والقلوب، كما تخاض في البر والجو»، وأن: « قهر عقيدة التطرف لا يكون بالقوة العسكرية وحدها، وإنما من خلال منظومة تشمل العقائد». أما كيف؟ فربما كان وزير خارجيته، جون كيري، أوضح في تطبيق ما ترمي إليه القمة حين كشف في كلمته عن أن: « أهداف القمة ستطبق على كل المستويات في المدارس ودور العبادة وعلى نواصي الشوارع»[50]!!! وهو ذات التأكيد الذي حصلت عليه « الجزيرة نت[51] 20/2/2015» في اتصالها بوزارة الخارجية التي ردت بالقول: « إن محاربة الإرهاب والإيديولوجيات المتطرفة لا تتطلب تحقيق انتصار في ساحة المعركة فحسب، بل في العقليات والمجتمعات والمدارس والأسر أيضا».
 
    في اليوم الختامي للقمة أيضا؛ كتب كيري مقالة بعنوان: « صعود التطرف يمثل تحديا لنا جميعا[52] –19/2/2015»، ميز فيها بين حروب اليوم وحروب الأمس، قائلا: « اليوم يتطلب منا الأمر خوض غمار حرب جديدة ضد عدو جديد. لكن ساحة المعركة مختلفة هذه المرة، وسلاح المعركة الذي نحتاج إليه للتغلب على هذا العدو وتحقيق الانتصار يجب أن يكون من نوع آخر كذلك»، وأن: « هذه الحرب لن تحسم إلا بتوظيف ترسانة واسعة وخلاقة من الوسائل». وبحسبه فـ: « إن مستقبلا أكثر أمنا وازدهارا يتطلب منا أن ندرك أن التطرف العنيف لا يمكن تبريره باللجوء إلى النصوص الدينية». لأنه، والكلام لكيري،: « ليس هناك تفسير شرعي سوي يحتم على أتباع الديانات ارتكاب الفظائع التي يندى لها الجبين، مثل هدم القرى أو تحويل الأطفال إلى مفجرين انتحاريين». وتأسيسا على ذلك فإن: « الأفراد الذين يُقْدِمون على هذه الأفعال الشنيعة؛ هم يحرفون الدين لخدمة أغراضهم الإجرامية والهمجية». لذا فـ: « النجاح يتطلب تمكين القادة من لوس أنجليس إلى لاغوس، ومن باريس إلى بيشاور، ومن بوغوتا إلى بغداد، ليأخذوا زمام المبادرة .. هناك أدوار للجميع، من رجال الدين ومسؤولي الحكومات والأكاديميين والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص. أمننا الجماعي يعتمد على استجابتنا الجماعية».
   مهما حاولت القمة التأكيد بلسان الرئيس الأمريكي على رفض أطروحة « صدام الحضارات»، فإن الحقيقة الساطعة، وبحسب القمة ذاتها، أنه لم يكن على جدول أعمالها أية موضوعات لـ « الإرهاب» أو ما تسميه الإدارة الأمريكية بـ « التطرف العنيف» إلا ما يخص الإسلام والمسلمين والصراع الدولي مع الجماعات الجهادية. بل أن الأمر وصل هذه المرة إلى ما يشبه « الحرب الصليبية» التي لا تكل ولا تمل، وبلسان وعظي شرعي هذه المرة، عن السعي إلى تجريم الدول والمجتمعات والعقول والقلوب بما يستدعي استهداف العالم الإسلامي برمته. ولعل أطرف ما في الأمر أن الصحف الأمريكية[53] شنت هجوما لاذعا على القمة لأنها اتسمت بعدم الوضوح فضلا عن ليها جدلا أعناق الحقائق بدلا من مواجهتها!!!!
   ففي اليوم الختامي للقمة جاء في افتتاحية بعنوان: « التهديد الأيديولوجي الإسلامي- المتطرفون يشنون حرب أفكار يرفض الغرب خوضها» لصحيفة « وول ستريت جورنال – 19/2/2015»،: « إن البيت الأبيض ينظم حاليا مؤتمرا حول التطرف العنيف بينما يتعرض لانتقادات جراء رفضه استخدام مصطلحات الإرهاب الإسلامي أو الإسلاموية»، وأشارت إلى أن: « العالم الحر وغير المتطرف لن يكسب هذه الحرب الأعمق إذا كانت الإدارة الأميركية ترفض حتى الاعتراف بطبيعة هذه الحرب». واعتبرت دعوة أوباما الغرب بإصرار ومثابرة إلى « عدم منح هذه التنظيمات الشرعية الدينية» التي تسعى إليها أو « وصف قادتها بأنهم مسلمون» بدلا من « مجرد إرهابيين» هو « أمر جيد»، لكنها رأت من جهتها أن أوباما: « يتجاهل حقيقة أن الصفتين ( إرهابيين ومسلمين) لا تتناقضان ولا تلغي إحداهما الأخرى» .. وأنه لا يمكن الفوز في حرب « ضد عدو نرفض وصفه إلا بعموميات لا تعني شيئا» .. وأن: « الغرب سيجد نفسه في تراجع مستمر في حرب الأفكار إذا خسر الحرب العسكرية».
   من جهتها سخرت صحيفة « الواشنطن بوست » من الرئيس الأمريكي وقمة البيت الأبيض واصفة إياها بـ « محفل الكلام الذي يقلل من خطر العنف المنظم الذي تمثله حركة الجهاد العالمية». ورأت في بذل الجهود لتفادي « الربط بين الإسلام والإرهاب .. ممانعة انتحارية» على اعتبار أن « استخدام المصطلحات الصحيحة والأمينة أمر هام لهزيمة العدو»، إلا أن: « أوباما يفعل ما هو أسوأ بالحقلين .. لغة لا معنى لها .. وعجز عسكري يقترب من دعم للعدو».
 
   بعد نحو أسبوعين على اختتام القمة؛ علق الكاتب Peter Singer عليها، في مقالة له بعنوان: « مقاومة التطرف الإسلامي[54] – 10/3/2015»، مركزا على مصطلح « التطرف العنيف» الذي أفرزته. ولاحظ الكاتب أن المصطلح دخل صحيفة الوقائع» الأمريكية الرسمية في 18/2/2015. وبات يحمل اختصارا جديدا هو « CVE». وأن الصحيفة استعملت المصطلح 21 مرة بينما لم تستعمل مصطلحات مثل « الإسلام»، أو « الإسلامي»، أو « المسلم ولا مرة واحدة، بل ولم ترد أية إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية». ويعلق الكاتب على ذلك بالقول: « لم يكن هذا من قبيل الصدفة؛ بل هو جزء من إستراتيجية لكسب تأييد عامة المسلمين».
 
    وفي موضع آخر من المقالة، يشير الكاتب إلى مشكلات سياسية تتعلق بموضوعية استعمال المصطلح. وينقل عن العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي، تيد كروز، قوله: « لا يمكنك أن تهزم عدوك إذا رفضت الاعتراف بحقيقته». أما الكاتب نفسه فيذهب مذهب السيناتور قائلا: « الواقع أنه ليس من مصلحة أي سياسي أن يبدو وكأنه ينكر ما يمكننا أن نراه جميعاً ماثلاً أمام أعيننا». وأكثر من ذلك: « لأنه من الواضح في نظر الجميع أن أعمال التطرف الأكثر عنفاً ترتكب باسم الإسلام، فإن تجنب هذه الكلمة من غير المرجح أن يمنع الهجمات على المسلمين رداً على هذا العنف».
   ويبدو أن الكاتب نفسه، كأغلب الكتاب الأمريكيين والغربيين، لا يتقبل فكرة فك الارتباط بين الإسلام والتطرف، أو على الأقل لا يرون فيها أية جدوى أمام ما يعتبرونه قوة الحقائق. وفي السياق يتساءل Singe:  « بمجرد أن نسأل أنفسنا عن السبب وراء أهمية خروج الزعماء المسلمين من المنتمين إلى التيار السائد علناً والتصريح بأن الدين يتعارض مع قتل الأبرياء، أو أن أولئك الذين يموتون عندما يرتكبون مثل هذه الأفعال ليسوا شهداء ولن يكافأوا في حياتهم الآخرة؛ فلماذا ينبغي للزعماء المسلمين بشكل خاص أن يدلوا بمثل هذه التصريحات، وليس الزعماء المسيحيين أو البوذيين أو اليهود؟»، ويجيب بلهجة لا تخلو من السخرية: « الإجابة مرة أخرى واضحة. ولكنها واضحة فقط لأننا نعلم بالفعل أن جماعات مثل القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية، وحركة طالبان لا تَتَّبِع تعاليم المسيحية أو البوذية أو اليهودية أو الهندوسية».
أولا: خطاب الإستراتيجية الرئاسي
   بعد يومين من إجازته توجيه ضربات جوية محدودة ضد « الدولة الإسلامية» لـ (1) منع ما وصفه بـ « إبادة جماعية» محتملة لأقلية دينية ( اليزيديين)، و (2) لحماية المسؤولين الأميركيين الذين يعملون في العراق؛ ألقى الرئيس الأمريكي فجر يوم 11/9/2014 خطابا حدد فيه الإستراتيجية الأمريكية في العراق متحدثا عن خطة من أربع بنود هي:
] الولايات المتحدة ستعمل على قطع التمويل عن هذا التنظيم، 
– وتحسين أنشطة الاستخبارات الأميركية، وتعزيز الدفاعات الأميركية،
– والتصدي لأيديولوجية الدولة الإسلامية،
– ووقف تدفق المقاتلين الأجانب[.
    في سياق الخطاب، وبحسبه، فليس ثمة حديث إلا عن « الدولة الإسلامية»، وما تمثله من تهديد لأمريكا، أو ما تتطلبه من جهد لمواجهتها أينما كانت. ورغم أن: « الحملة لن تشمل نشر قوات قتالية أميركية على أراض أجنبية»، إلا أنها: « ستشن بجهد ثابت لا هوادة فيه من أجل ضرب الدولة الإسلامية في أي مكان من خلال (1) استعمال قوتنا الجوية و (2) دعمنا لقوات الحلفاء على الأرض»، ومع أنها قد تطول، كما يقول الخطاب، إلا أن: « هدفنا واضح، سوف لن نضعف» .. لكن « على المدى الطويل سندمر الدولة الإسلامية». أما الهدف من ذلك فليس بالتأكيد البحث عن صيغة ما لـ « مخاطبة السنة في هذه المنطقة» بقدر ما شدد الخطاب على أن: « أحد المبادئ الأساسية في رئاستي أنه: إذا هددتم أميركا فلن تكونوا أبدا في أمان»!!!
     وفي كلمته الإذاعية الأسبوعية في 20/9/2014، أعلن الرئيس الأمريكي أنه سيتوجه إلى الأمم المتحدة، ويطالب بتحالف أوسع، دون أن يفوته التأكيد على مكانة الولايات المتحدة وجاهزيتها، فـ: « هذه هي لحظة القيادة الأميركية، وعندما يتعرض العالم إلى تهديد ويحتاج إلى مساعدة فإنه يطلب أميركا، ونحن نستدعي قواتنا». ومن الطبيعي أن يتحدث أوباما من على منبر الأمم المتحدة بهذه اللغة، رغم أنه يرى المشكلة تكمن في « تصدع النظام» الدولي، قبل أن يهدده « إعلان الخلافة» بـ « ملء الفراغ»، فضلا عن أن التهديد المشروط، بحسب خطاب الإستراتيجية، يكاد يصل إلى الولايات المتحدة، ثم إلى العالم، وهو ما يستدعي العمل، بحسبه، على « إضعاف تنظيم الدولة وإلحاق الهزيمة به وتدميره» وليس بالضرورة البحث عن صيغة تفاهم مع من هم بالنسبة له « أقلية سنية» في العراق و « أغلبية» في سوريا.
 
   حتى بعد مضي شهور عديدة على تشكيل التحالف الدولي وما تبعه من خطابات وردود فعل وانتقادات وهجمات إعلامية وتشكيك ودعوات لتعديل الإستراتيجية وأهدافها من « تدمير» لـ « الدولة» إلى « إضعافها» أو  « احتواء»، ظلت المشكلات الأبرز تتعلق بـ (1) التفويض، و (2) التدخل البري، و (3) توسيع التدخل ليشمل سوريا بصورة أوسع، و (4) أمد الحملة الدولية، و (5) مدى النجاح المحتمل. وهو ما سنتطرق له لاحقا خاصة في إطار نقد الإستراتيجية.
ثانيا: معضلة تفويض الكونغرس
   لعل أحد أكثر المسائل في مواجهة « الدولة الإسلامية» إثارة الجدل والتناقض كان، ولمّا يزل، موضوع تفويض الكونغرس الأمريكي. فليس جليا بما يكفي، عما إذا كانت الولايات المتحدة تخوض « حربا» ضد ما غدت تسميه بـ « التطرف العنيف»، أو « مكافحة الإرهاب»! وعشية خطابه عن الإستراتيجية؛ أبلغ الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قادة الكونغرس، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، في بلاده أن: « لديه التفويض المطلوب لاتخاذ إجراءات لتدمير تنظيم الدولة الإسلامية»[55]. ومن جانبه أشار الكاتب والمحلل أندرو نابوليتانو في صحيفة « الواشنطن تايمز»، عقب خطاب أوباما، إلى أنه: « يمكن للرئيس الأميركي أن يشن حربا دون الرجوع إلى الكونغرس، ويمكنه نشر قوات أميركية في أي مكان خارج الولايات المتحدة، لمدة لا تزيد على 180 يوما، وإلا فلا بد من إذن صريح من الكونغرس». وفي السياق نقلت وكالة « رويترز – 29/9/2014» للأنباء عن السناتور المستقل عن ولاية ماين، إنغوس كينغ، قوله أن: « المشرعين الأميركيين تنازلوا عن سلطتهم في إعلان الحرب منذ عام 1938 عندما أرسل الرئيس هاري ترومان آنذاك الجيش الأميركي إلى كوريا دون إعلان رسمي للحرب». أما رئيس مجلس النواب، جون بينر، فرأى أن: « أوباما يملك سلطة قانونية لتوجيه ضربات ضد تنظيم الدولة الإسلامية، لكنه سيستدعي المشرعين من دوائرهم إذا سعى للحصول على قرار يؤيد الحرب»[56].
    لكن مثل هذه التغطيات التشريعية، القادمة من هنا وهناك، لم تقنع حتى الرئيس الأمريكي نفسه الذي انزلق فيها. الأمر الذي اضطره للعودة ثانية عما سبق وصرح به! وبحسب « رويترز – 6/11/2014» فقد تحدث أوباما أمام الصحفيين عن « خطة ثانية في إستراتيجيته» من أجل المنطقة وهي « تدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة»، وبالتالي فـ: « الأمر يحتاج إلى تفويض جديد لاستخدام القوة العسكرية» لأن « هذه ليست إستراتيجيتنا خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر القادمة فحسب، لكنها إستراتيجيتنا في المستقبل». بمعنى أن التفويض المقيد بـ 180 يوما لا يكفي للاستغناء عن الحاجة إلى تفويض رسمي لتغطية أمد حرب قد تطول لسنوات أو عقود وربما لأجيال! وبالتالي فإذا كان سيرجع إلى الكونغرس فليكن الآن وليس غدا. لكن هل يمكن للكونغرس أن يمنح أية إدارة تفويضا بشن حرب ليس فيها عدوا واضح ولا هدفا محددا؟
كان السناتور الديمقراطي عن ولاية كونيتيكت، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، كريس ميرفي، من أوائل من حث الكونغرس على بحث مشكلة التفويض « بسبب الغموض المتعلق بمدة بقاء الجيش الأميركي مشاركا في تلك العملية في سوريا»، مؤكدا لـ « رويترز – 29/9/2014» أن: « هناك بعض الأسئلة الخطيرة علينا طرحها، وبينها الحاجة إلى إستراتيجية سياسية واقعية»، ذلك أنه « ببساطة لا أعتقد أن لدينا اليوم مثل هذه الإستراتيجية في سوريا». وعلى وقع معارك بلدة عين العرب ( كوباني بالتسمية الكردية)، أصر البيت الأبيض على أن التفويض الذي أعقب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر2001 ضد تنظيم « القاعدة» ما زال صالحا، وأن كل ما في الأمر أن اسم التنظيم تغير إلى « الدولة الإسلامية». لكن صحيفة « لوس أنجلوس تايمز – 20/11/2014» الأمريكية كتبت تقول: « إن التفويض السابق لشن الحرب على المخططين لهجمات 11 سبتمبر، والتفويض بالحرب على العراق عام 2002، لا يسريان على الحرب ضد تنظيم الدولة»، وزادت في القول بأن: « التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة على العراق وسوريا لا يبرر تكرار تقديم تضحية أميركية بتلك المنطقة، وأن الحرب على التنظيم تُعتبر حربا جديدة ومختلفة، وعلى الكونغرس أن يناقش ما إذا كان من الحكمة أن تشارك الولايات المتحدة فيها».
    في الوقت الذي كان الكاتب ماكس بوت في « الواشنطن بوست – 15/11/2014» يصف إستراتيجية الرئيس الأمريكي بغير المجدية، ويطالبه بأن: « يزيد عدد القوات الأميركية على الأرض، ولا يكتفي بـ1500 خبير الموجودين في الميدان حاليا، وأن يكثف الضربات الجوبة، ويرسل قيادة العمليات الخاصة المشتركة لخبرتها الواسعة والغنية في العراق، وأن يعمل كثيرا على اجتذاب القبائل السُّنية في العراق وسوريا ويقدم لها الدعم، ويعزز من قدرات الجيش السوري الحر، ويعمل على حظر الطيران في أجزاء من سوريا أو كل سوريا، وأخيرا أن يستعد لإعادة بناء ما دمرته الحرب في البلدين» … في هذا الوقت والهراء من الكلام؛ تحدث ثلاثة كتاب هم: جاك غولدسميث وريان غودمان وستيف فلاديك، في الصحيفة ذاتها، عن: « ضرورة تقييد التفويض باستخدام القوة العسكرية بخمسة مبادئ، هي: (1) تحديد العدو بدقة، و (2) تحديد الأهداف العامة، و (3) إعمال القانون الدولي، و (4) زيادة الشفافية، و (5) إنهاء التفويض باستخدام القوة العسكرية ضد تنظيم الدولة في وقت محدد»[57].
    بحسب الدستور الأميركي فإن قرار إعلان الحرب من اختصاص الكونغرس، ومطالبة الإدارة بموافقته على الحرب هو إجراء قانوني رسميا محض، والواقع أن الولايات المتحدة تصرفت محليا تجاه العراق وسوريا كما سبق لها حين شنت حربا على العراق سنة 2003 بعيدا عن أي غطاء قانوني دولي. وخلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ (8/12/2014) للتصويت على التفويض، ضرب وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، الإجراء القانوني عرض الحائط، حين أصر على أنه: « لدينا السلطة بموجب الإجازة الصادرة في 2001»، ومع ذلك فقد دعا كيري الكونغرس للتصويت على استخدام القوة العسكرية، وعدم: « تقييد أيدي القائد العام أو القادة (العسكريين) في الميدان من الاستجابة لحالات طارئة يستحيل التكهن بها» مشيرا إلى أن: « هذا التصويت يمنح الرئيس أوباما تفويضا واضحا، والمرونة اللازمة لمواصلة النزاع المسلح ضد تنظيم الدولة والقوات التابعة له». وأن: « إدارته توافق على اقتراح رئيس اللجنة السيناتور الديمقراطي روبرت مننديز والتي تحدد مهلة الإجازة الجديدة المطلوبة بثلاث سنوات»، بل وطالب: « بزيادة صلاحيات أوباما في الحرب على تنظيم الدولة وعدم تحديدها بإطار جغرافي، بما لا يحد من قدرة القوات الأميركية على استخدام القوة المناسبة ضد تنظيم الدولة خارج العراق وسوريا إذا ما تطلب الأمر» لأنه بحسبه: « سيكون من الخطأ إشعار التنظيم  بوجود ملاذات آمنة له خارج العراق وسوريا»[58].
   أما الكونغرس فلا يبدو أنه استجاب لكيري، الأمر الذي اضطر الرئيس الأمريكي لدعوته، خلال خطابه السنوي عن حالة الاتحاد في 21/1/2015، إلى « إصدار قرار يجيز استخدام القوة العسكرية ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا». وفي سبيل انتزاع القرار، قدم أوباما إغراء، لطمأنة الكونغرس من مغبة الوقوع في حرب شاملة، وتحمُّل عبء التكاليف وحدها، بالإشارة إلى أن: « (1) الولايات المتحدة وشركاءها سينتصرون على تنظيم الدولة، وأنهم يوقفون تقدم التنظيم في العراق وسوريا»، وأنه « (2) بدل الدخول في حرب جديدة على الأرض في الشرق الأوسط، نقود تحالفا واسعا يضم دولا عربية من أجل إضعاف، وفي النهاية، تدمير هذا التنظيم الإرهابي»، وأنه: « (3) يتعهد بإعادة تشكيل اقتصاد الولايات المتحدة لمساعدة الطبقة المتوسطة، ودخول البلاد عهدا جديدا بعد طي صفحة ركود شديد شملها وشمل العالم أجمع، بعد حربين طويلتين ومكلفتين»[59].
   من الصعب فهم مواقف أو سياسات البيت الأبيض، وسط عناد غير مسبوق من الكونغرس. ورغم أن أوباما لم يحصل على شيء منه إلا أنه عاد في 11/2/2015 بمعية « البنتاغون»، وبعد ستة أشهر من بدء الحملة الجوية، لتقديم « مشروع قرار التفويض للكونغرس»، بحيث يشمل من جهة (1) مواصلة العمليات العسكرية، ومن جهة ثانية (2) محاربة « الدولة الإسلامية» ليس في العراق وسوريا بل وخارجهما. وفي أعقاب تقديمه للمشروع، أوضح الرئيس الأمريكي أن: « المشروع لا يسمح بتدخل بري جديد على نطاق واسع في الشرق الأوسط»، لكنه « لن يتردد في نشر قوات خاصة ضد تنظيم الدولة إذا اقتضت الضرورة».
   وفي السياق؛ أوضح المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش أرنست، في مؤتمر صحفي (11/2/2015) أن: « التفويض العسكري الذي طلبه أوباما سيحفظ للرئيس القدرة على أن يأمر بعمليات ضد الدولة الإسلامية خارج العراق وسوريا»، وأن: « الرئيس الأميركي باراك أوباما لا يستبعد نشر قوات مقاتلة على الأرض لمساعدة الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية». وأن البنتاغون هو الذي « أوصى بنشر قوات برية»، وأن تلك « قد تستخدم لإنقاذ رهائن» مشيرا إلى أن: « الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس يحتاجون إلى أن يقرروا كيفية العمل معا، لإقرار مسودة تفويض لاستخدام القوة العسكرية في القتال ضد .. متشددي الدولة الإسلامية». أما الرئيس أوباما فقد أرفق رسالة بالمسودة التي تلقاها من « البنتاغون» قال فيها: « أمرت بإستراتيجية متواصلة وشاملة لتقليص قدرات تنظيم الدولة الإسلامية وهزيمته»، لكنه تحدث عن وجوب: « نشر قوات محلية لا قوات أميركية لتنفيذ مثل تلك العمليات» .. وأن مدة الطلب حددت بـ « ثلاث سنوات للعمليات ضد التنظيم»، لكنه، بحسب « رويترز» للأنباء، « يحظر استخدام القوات الأميركية في قتال بري هجومي ممتد».
 
   في إطار ردود الفعل على مشروع التفويض رد زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، أن: « المجلس سيدرس بشكل متمعن طلب الرئيس». وفي مؤتمر صحفي في 12/2/2015، أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، جون بينر، أن: « الجمهوريين في الكونغرس سيسعون لأجل تفويض قوي وصلب للرئيس» .. وأنه: « ورفاقه الجمهوريين يريدون منح القادة العسكريين الأميركيين السلطة اللازمة لهزيمة التنظيم أينما وجد» .. وأن: « كسب تلك المعركة يحتاج إلى إستراتيجية وسلطة قويتين وصلبتين تمنحان القادة المرونة اللازمة لهزيمة العدو». لكن زعيمة الديمقراطيين بمجلس النواب، نانسي بيلوسي، استبعدت، في مؤتمر صحفي، إقرار التفويض في الكونغرس، بملاحظة أنه: « سيكون صعبا على الجمهوريين والديمقراطيين التوصل إلى إجماع على الخطة في ضوء الخلافات بشأن القيود التي وردت في اقتراح أوباما»[60].
   تبدو مشكلة التفويض واقعة بين البيت الأبيض والكونغرس. لكنها في الصميم واقعة بين اندفاع الجمهوريين باتجاه التدخل المفتوح أو شبه المفتوح، وقيود الديمقراطيين التي تحد من اندفاع العسكريين. فمن جهتهم يعتبر الجمهوريون أن: « خطة أوباما لمحاربة تنظيم الدولة سلبية بدرجة كبيرة»، وأنهم يريدون « إجراءات أشد مما تضمنته، وقيودا أقل على استخدام القوات القتالية الأميركية»، فيما يرى العضو الديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية، روبرت مننديز، أن: « ديمقراطيين في الكونغرس لا يريدون منح أوباما أو أي رئيس تفويضا مفتوحا بالحرب أو صكا على بياض». ولا ريب أن هذه المعادلة تلائم الرئيس الأمريكي، أياً كان مضمون التصريحات التي يدلي بها المؤيدون أو المعارضون. ومع أن بعض المشرعين توقعوا التصويت على إقرار التفويض خلال شهر آذار/مارس 2015 إلا أن الخلافات العاصفة لم تتوقف بقدر ما توقع أعضاء في الكونغرس بحسب « رويترز» أن تنقضي « أشهر قبل طرح الاقتراح للتصويت في مجلسي الشيوخ والنواب إذا وصل أصلا إلى هذه المرحلة».
   وما أن حل يوم 11/3/2015 حتى كان قادة البيت الأبيض ماثلين في جلسة استجواب أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وسط خشية من رئيس هيأة أركان الجيوش الأمريكية، الجنرال مارتن ديمبسي، خلال الجلسة من أن: « تنقلب المليشيات التي تدعمها إيران على الولايات المتحدة بعد هزيمة تنظيم الدولة». أما وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، فجاء في شهادته أن: « الحرب ضد تنظيم الدولة في ساعة مفصلية، وأن أميركا لا يمكن أن تسمح لحفنة من القتلة بتحقيق طموحاتها». وأن « الإدارة الأميركية لديها حاليا الصلاحيات القانونية لمحاربة تنظيم الدولة»، لكن « التعبير الواضح والرسمي عن دعمكم سيبدد أي شكوك في أي مكان بشأن اتحاد الأميركيين في هذا العمل».
    أما وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، فقد خاطب في شهادته[61] الكونغرس قائلا: « سألت نفسي سؤالين: (1) هل إقرار التفويض يوفر السلطة والمرونة اللازمة لخوض حملتنا العسكرية، سامحا بمجموعة كاملة من السيناريوهات العسكرية المحتملة؟ و (2) هل سيرسل رسالة للأفراد المسؤولين مني … الذين سيشنون تلك الحملة، أن البلاد تقف وراءهم؟»، وأجاب: « أعتقد أن طلب التفويض باستخدام القوة العسكرية المقترح من الرئيس يقوم بالأمرين، وأنا أحث الكونجرس على تمريره». وفي شرحه للتفويض أوضح ما يلي:
   ]« أولا، يضع طلب التفويض المقترح في الاعتبار واقع الأمر على الأرض، فكما أشار وزير الخارجية كيري بالفعل، أنه من المرجح أن تتطور داعش كمنظمة على نحو استراتيجي، فتتحول، وتعيد تعريف نفسها، وترتبط مع غيرها من الجماعات الإرهابية، بينما تستمر في تهديد الولايات المتحدة وحلفائنا.
 
   ثانيا، لا يتضمن طلب التفويض المقترح أي تقييد جغرافي، وهو أمر حكيم، لأن داعش تظهر بالفعل علامات على الانتشار خارج سوريا والعراق.
 
ثالثا، يوفر التفويض المقترح من الرئيس قدرا كبيرا من المرونة في الوسائل العسكرية التي نحتاجها لمتابعة استراتيجيتنا، مع استثناء واحد: طلب التفويض المقترح لا يأذن بالعمليات البرية الهجومية الممتدة، أو على نطاق واسع مثل تلك التي قمنا بها في العراق وأفغانستان، لأن استراتيجيتنا لا تتضمنهما. بدلا من ذلك، يجب على القوى المحلية أن توفر الوجود الدائم اللازم لتحقيق فوز دائم ضد داعش.
 
رابعا وأخيرا، تنتهي صلاحية التفويض المقترح في غضون ثلاث سنوات. لا استطيع أن أقول لكم إن حملتنا لهزيمة داعش ستكتمل في غضون ثلاث سنوات. ولكن أنا أفهم السبب في توفير موعد انتهاء مقترح أنه مستمد من مبدأ هام نابع من الدستور يجعل التفويض باستخدام القوة العسكرية .. مسؤولية مشتركة بين الرئيس والكونجرس. ويتيح … فرصة لتقييم التقدم الذي أحرزناه في غضون ثلاث سنوات، ويقدم للرئيس القادم والكونجرس .. فرصة لإعادة إعمال التفويض إذا وجدوا ضرورة لذلك. بالنسبة لي، هذا أمر معقول ومبدئي .. على الرغم من أنني لا يمكن أن أؤكد أن حملة مكافحة داعش سيتم الانتهاء منها في غضون ثلاث سنوات» [.
 
المبحث الثالث
نقد الإستراتيجية
     منذ اللحظات الأولى للإعلان عنها؛ تركزت موضوعات نقد الإستراتيجية الأمريكية في العراق والشام على (1) التدخل البري، و (2) وجود الإستراتيجية، و (3) أمد الحرب. أما مضامين النقد فقد وقعت ما بين جدية يشوبها غموض وجهل مطبق إلى حد السفاهة وأكثر، كما لو أن المتابع، لوقائع النقاشات والحوارات الأمريكية على متن الصحف والمجلات ووسائل الإعلام، يشهد سيركا هوليوديا بأتم معنى الكلمة.
أولا: التدخل البري
 
     فما أن انتهى الرئيس الأمريكي من خطابه حول الإستراتيجية، حتى شحذ الكتاب الأمريكيون أسنة أقلامهم، نقدا وطعنا وتساؤلات عن الإستراتيجية وحولها، وتشكيكا حتى بما ألمحت إليه. وكانت كاتبة « الواشنطن بوست[62] – 11/9/2014»، جنيفر روبين، واحدة من هؤلاء، حين « تساءلت عن مدى جدية أوباما في اتباع إستراتيجية تقود إلى مواجهة تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا؟»، ورأت أن: « أوباما بدا في خطابه البارحة (10/9 بحسب التوقيت الأمريكي) وكأنه يريد أن يفعل شيئا جديدا بينما هو ليس كذلك، وخاصة بعد أن أشار إلى أنه لا يأخذ على محمل الجد تهديد تنظيم الدولة للأمن القومي الأميركي والولايات المتحدة[63]. بل أنه: يعتبر أن تهديد تنظيم الدولة ينصب على شعبي العراق وسوريا، وعلى منطقة الشرق الأوسط على النطاق الأوسع، بما في ذلك المواطنون الأميركيون، والمنشآت والمصالح الأميركية في المنطقة».
   ثم عاودت الكاتبة الكرَّة في 14/11/2014[64] لنقد فراغ القيادة الأمريكية، قائلة: « إن العالم يشهد انسحابا للولايات المتحدة من الساحة الدولية بشكل ملحوظ، وإن الرئيس أوباما لم يعد يملك حلولا لما يواجهه العالم من مشاكل وأزمات». وأن: « عديدين باتوا على يقين من أن البيت الأبيض لم يعد يملك مبادرات جديدة، وأنه لم يعد هناك ما يمكن توقعه لما يمكن للرئيس فعله على مدى العامين القادمين المتبقيين من فترة رئاسته الثانية الأخيرة». وكانت صريحة في تقييمها حين أشارت إلى أن: « غياب القيادة الأميركية وتنامي أعمال العنف في الشرق الأوسط من شأنهما تبديد أي حلول زائفة لأزمات المنطقة».
   أما كاتب « النيويورك تايمز – 11/9/2014»، فالي نصر، فأشار إلى أن: « أوباما يواجه أزمة في الشرق الأوسط هي الأخطر»، وأن: « الإدارة الأميركية تفتقر إلى إستراتيجية كبرى أو خارطة طريق، ليس فقط لكيفية معالجة الأزمة المتمثلة في مواجهة تهديدات تنظيم الدولة، ولكن في الطريقة التي يمكنه من خلالها وضع نهاية لها».
    لذا فهي « هزيلة»! بهذه الكلمة قيمت افتتاحية « الواشنطن بوست[65] – 16/9/2014» الإستراتيجية الأمريكية لهزيمة « الدولة الإسلامية». وهي كذلك بالمقارنة مع: « التحالفات التي تمت في حرب الخليج عام 1991، بمشاركة السعودية ومصر وسوريا وسلطنة عُمان من بين دول عربية أخرى، وكان لها قوات برية معتبرة على الأرض، وغزو العراق عام 2003 والاحتلال اللاحق له الذي دُعم بقوات من 39 دولة». وفي ذات الوقت رأت « النيويورك تايمز»[66] من جهتها أن: « دحر تنظيم الدولة قد يستلزم إيجاد طريقة للعمل مع القوى الأكثر فعالية على الأرض، مثل جيش النظام السوري، ومقاتلي حزب الله اللبناني، وبالتالي يجب تأجيل خلافات الغرب مع النظام السوري، إلى أن يتحول تيار المعركة». أما عن الحل السياسي للأزمة السورية فرأت بأن: « اشتمال التحالف المناهض لتنظيم الدولة على سوريا وإيران وروسيا قد يكون المفتاح الحقيقي الوحيد لعلاقة سياسية مع الرئيس السوري بشار الأسد، يمكن أن تساعد في تحقيق حل سلمي للحرب الأهلية السورية المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات».
 
   في الأثناء، وبعد أسبوع (18/9/2014) على الإعلان عن الإستراتيجية، توقفت الصحف الأمريكية وكافة
 وسائل الإعلام في العالم عند التباين[67] الصريح فيما بين وزارة الدفاع والبيت الأبيض، حول التدخل البري. فخلال جلسة أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في 16/9، وبحضور وزير الدفاع، تشاك هيغل، قال رئيس هيأة أركان الجيوش الأمريكية، الجنرال مارتن ديمبسي،: « إذا وصلت الأمور إلى مرحلة يتحتم فيها على المستشارين العسكريين الأميركيين الموجودين بالعراق مرافقة القوات العراقية في هجماتها ضد أهداف محددة لتنظيم الدولة، فإنه سيوصي الرئيس أوباما بالسماح لهم بالمشاركة». فما كان من البيت الأبيض إلا أن رد سريعا؛ مؤكدا على قرار عدم نشر قوات برية. أما شهادة ديمبسي فقد تزامنت مع تصريحات أدلى بها نائب الرئيس، جوزيف بايدن، وأشار فيها إلى أن الولايات المتحدة « ستقاتل التنظيم على الأرض». وفي السياق أوضحت « الواشنطن بوست – 18/9/2014» أن ما سمته « زلة لسان بايدن – 16/9  .. ربما تكون كشفت عن خفايا في إستراتيجية أوباما والبيت الأبيض بهذا الشأن».
توالت الانتقادات والدعوات إلى إرسال قوات برية، حتى على لسان وزراء دفاع سابقين وعسكريين أمريكيين. ونقلت صحيفة « الواشنطن تايمز[68] – 21/9/2014» عن وزير الدفاع الأسبق، روبرت غيتس، تصريحا له في 17/9، رأى فيه أن: « الضربات الجوية لن تنجح في إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة، وأن ترك القوات العراقية وقوات البشمركة الكردية أو العشائر السنية تتصرف على هواها في العراق لن يفلح في إضعاف التنظيم أو تدميره». لذا فقد دعا إلى: « ضرورة أن يقوم التحالف الدولي بنشر قوات على الأرض داخل العراق، وذلك من أجل مقاتلة مسلحي تنظيم الدولة، إذا أريد للحملة الدولية على التنظيم أن تلقى النجاح وتحقق أهدافها». أما زميله ليون بانيتا، فنقلت له الصحيفة تصريحا في 19/9/ 2014، حمل فيه الرئيس الأمريكي مسؤولية: « صعود تنظيم الدولة بسبب الانسحاب العسكري الأميركي من العراق الذي نفذه أوباما بشكل سريع، وتردده في التدخل بالأزمة السورية أو الحرب الأهلية التي عصفت بسوريا منذ أكثر من ثلاث سنوات». وفي تقرير منفصل للصحيفة شكك القائد السابق في البحرية الأميركية الجنرال، جيمس كونواي، في 19/9، بـ « نجاح إستراتيجية الرئيس أوباما في إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة».
وعلى مستوى الكتاب والإعلاميين الأمريكيين أيضا، تساءل الكاتب دويل مكمناص، في مقالة كتبها في صحيفة « لوس أنجلوس تايمز[69]28/9/2014»: « عما إذا كان من الممكن للولايات المتحدة النجاح في قيادة تحالف للحرب دون نشر جنود أميركيين على الأرض للمشاركة في مقاتلة مسلحي التنظيم؟»، وشكك بـ: « إمكانية الاعتماد على أداء دول التحالف الدولي، التي تضم دولا عربية وجيشا عراقيا بقيادة ضعيفة ومجموعات من المعارضة السورية المعتدلة وعد أوباما ببنائها في عملية تحتاج إلى سنوات». وانتهى إلى القول بأن: « القضاء على تنظيم الدولة في ظل هذا التحالف يبدو مستحيلا ما لم تنتشر قوات على الأرض في كل من العراق وسوريا». ومن جهتها تساءلت روزا بروكس في صحيفة  « الواشنطن بوست»: « عن معنى تأكيد الرئيس أوباما في أكثر من مناسبة على عدم الحاجة لنشر قوات أميركية مقاتلة على الأرض». ورأت الكاتبة أن: « إبقاء مقولة أنه لا حاجة لقوات على الأرض يعد أمرا لا يبعث على الطمأنينة»، وأن: « استمرار تأكيد أوباما على عدم نشر قوات أميركية برية في العراق يعمل على ترسيخ صورة في أذهان المسلحين المتطرفين أن الأميركيين متغطرسون وجبناء في نفس اللحظة». وقدمت « الواشنطن تايمز» من جهتها مفارقة طريفة بين الجمهوريين والديمقراطيين، حين قالت أن: « أوباما يواجه انتقادات بشأن إستراتيجيته لمواجهة تنظيم الدولة وبما يتعلق بأزمات دولية أخرى، ويرد بالقول إن القيادة الأميركية هي الثابت الوحيد في عالم متقلب، متعهدا بأن تلك القيادة ستكون جلية طالما ظل هو الرئيس». لكن، وبحسب الصحيفة، فإن « الجمهوريين يقارعون حجة أوباما بالقول إن الولايات المتحدة … لم تعد ذلك القائد العالمي المحترم كما كانت في وقت مضى».
 
    ومع أن ثلاثة أسابيع فقط مضت على إعلان الإستراتيجية؛ إلا أن الانتقادات لم تتوقف، الأمر الذي وضع الإدارة الأمريكية في مآزق عدة. وقبل أن تصدر إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي* لسنة 2015 بنحو أربعة أشهر، اضطر « البنتاغون» لكشف مقدماتها، حين استعمل عبارة « صبر استراتيجي»، التي وردت في تقديم الرئيس أوباما للإستراتيجية. ففي 1/10/2014 واجه المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيربي، وسائل الإعلام وسيل الانتقادات بسيل مماثل من الإجابات غير المسبوقة[70]. ومما قاله أنه « (1) لم يقل أحد إن الأمر سيكون سهلا أو سريعا»، وأن « (2) قادة الجيش الأميركي كانوا واضحين منذ البداية بأن الضربات الجوية وحدها لا تكفي»، كما أننا « (3) كنا صادقين جدا بشأن كون الطريق العسكري لوحده لن يؤدي إلى إنهاء الجهاديين، .. هذا القول لا ينبغي أن يؤخذ على أنه اعتراف بعدم الفعالية»، لكن « (4) لن نقصف؛ ولا يمكننا أن نقصف (تنظيم الدولة) بشكل أعمى»، لذا « (5) لا يجوز أن يتكون عند أي شخص وهم أمني خاطئ بأن هذه الضربات الجوية الموجهة قد تؤتي ثمارها»، وأوضح أنه « (6) بالرغم من أننا نتقاسم الشعور بالعجلة تجاه هذا التنظيم، فيجب أن نتقاسم أيضا شعورا بالصبر الإستراتيجي».
   لم تُجْد فزعة « البنتاغون» في وجه وسائل الإعلام نفعا. فبعد أيام نشرت « الواشنطن تايمز[71]4/10/2014» مقالة للأدميرال المتقاعد، جوزيف فيزي، اعتبر فيها أن: « سياسة الضربات الجوية المتبعة ضد تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا، .. مصيرها الفشل كالذي لحق بالحرب الأميركية على فيتنام». وللخروج من المأزق اقترح الأدميرال على الرئيس أوباما: « البدء بمبادرة دبلوماسية لإقناع القادة السياسيين في الدول الإسلامية لتضافر الجهود لقمع أيديولوجية التعصب والحقد»، والأهم من ذلك: « للاتفاق على رؤية بديلة ومقنعة للإسلام كدين سلام حقيقي»!!!!
    لكن الانتقادات تواصلت إلى حد الحديث عن الفشل. وهو ما عبر عنه الكاتب نواه بونسي في مجلة  « فورين بوليسي[72]14/11/2014»، في قوله الصريح: « الفشل هو مصير الإستراتيجية الأميركية لمواجهة تنظيم الدولة، .. كونها لم تأخذ في الحسبان الأسباب الحقيقية للصراع في كل من سوريا والعراق». ولأن « الولايات المتحدة وحلفاؤها يتعاملون مع تنظيم الدولة بمعزل عن الجوانب الأخرى للصراع الذي يعصف بكل من سوريا والعراق، وينذر بالانتشار في المنطقة»، فلا بد من: « مراجعة إستراتيجيتها بالكامل». أما البيت الأبيض « فيحتاج أن يفهم أن تنظيم الدولة يتخذ من سوريا مكانا مناسبا للتوسع، وبالتالي فإن تركيز أميركا على العراق وحده دون معالجة مشكلة تنظيم الدولة في سوريا لن يكون ذا جدوى».
    وفي ذات السياق، من إعادة النظر التي دعا إليها الرئيس الأمريكي نفسه، تحدث روبرت كاسي في « واشنطن بوست[73] – 28/11/2014» عن وجوب: « تضمين الإستراتيجية .. سبل معالجة القضايا الأساسية التي أدت إلى ظهور تنظيم الدولة وانتشاره على نطاق واسع، ومضاعفة الجهود لدعم المعارضة السورية المعتدلة». في حين أشارت « النيويورك تايمز» إلى أن: « السياسات الأميركية المتضاربة إزاء الأزمة في سوريا أدت إلى إضعاف مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط». ولاحظت أن: « طيران التحالف الدولي الذي يستهدف مواقع لتنظيم الدولة في سوريا يتشارك الأجواء مع طيران النظام السوري الذي يستهدف المدنيين الأبرياء بالقصف العشوائي دون أن تحرك الولايات المتحدة ساكنا، مما يشير إلى نوع من التعاون بين إدارة أوباما ونظام الأسد». وأن: « هذا التناقض يزيد من تقويض مكانة الولايات المتحدة والوجود الأميركي في المنطقة برمتها».

  مضت شهور على هذه الحال من النقد والتخبط. ولم ينفع فيها النظر ولا إعادة النظر، ولا الثناء الأمريكي على إيران في معركة تكريت، لاسيما بعد سقوط الرمادي، مركز محافظة الأنبار، بيد « الدولة الإسلامية – 17/5/2015» ، واعتبار ما حصل بلسان الرئيس الأمريكي مجرد « انتكاسة تكتيكية»[74] .. انتكاسة!!! ترجمها وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، بلغته بأنها « أسوأ هزيمة منيت بها القوات العراقية منذ قرابة سنة»، وبررها في تصريحات تلفزيونية بالقول: « لدينا مشكلة مع إرادة العراقيين في قتال تنظيم الدولة الإسلامية وفي الدفاع عن أنفسهم»[75]. لكنها تصريحات أخرجت الجنرال الصفوي، قاسم سليماني، عن طوره، متجاوزا كل التوريات، والميوعات السياسية السابقة، والمراسلات والمصافحات والمجاملات والتمنعات، وأحاديث التنسيق بين أوباما وكيري وديمبسي من جهة، وخامنئي وروحاني وظريف من جهة أخرى، ليصب جام غضبه على الأمريكيين، وكأنه نجح في مهمته، لولا أنه تعرض منهم إلى خذلان أو خيانة. وفي السياق، وخلال حفل ثقافي أُقيم في مدينة كرمان جنوب شرق البلاد، نقلت « وكالة تسنيم – 24/5/2015» الإيرانية عن سليماني القول: « اليوم في المعركة ضد هذه الظاهرة الخطيرة .. لا أحد موجود باستثناء إيران .. الولايات المتحدة لم تفعل شيئاً لأجل العراق وأمنه، رغم وجود قواعد عسكرية لها بالقرب من المدينة» .. وفي حديثه؛ وجه سؤالا مباشرا للرئيس الأمريكي قائلا: « السيد (باراك) أوباما: إن قواعدکم العسکرية قريبة من مدينة الرمادي، فكيف تحدث مجزرة فی بلد أنتم موجودون للحفاظ على أمنه وشعبه ولا تفعلون شيئا؟ ماذا يجب أن نسمي هذا الأمر؟»[76].
وجود الإستراتيجية
 كل من تابع الإعلام الأمريكي وتصريحات القادة حول ماهية الإستراتيجية ووجودها، سيلحظ أنه يشاهد بامتياز وقائع سيرك، صممته صناعة السينما الهوليودية! ليس هذا مبالغة أبدا، بقدر ما هي الحقيقة الأشد حضورا، في حزمة المعلومات المتوفرة على وسائل الإعلام والاتصال الأمريكية.
   شكل وقوع الموصل في قبضة « الدولة الإسلامية – 10/6/2014» لحظة انعطاف فارقة في التحضير لتحرك أمريكي لمواجهة الموقف. وحتى عشية إعلانها في 10/9/2014؛ كان الحديث عن الإستراتيجية يتسم بالغموض والضبابية والنقد، الذي اشتد طرديا مع إعلانها عن بدء الحملة الجوية في إطار التحالف الدولي، إلى حد التسليم بانهيارها مع الإعلان الرسمي عن التدخل الروسي في سوريا، وبدء القصف الجوي يوم 30/9/2015.
   كتب إيرنست إستوك مقالة في صحيفة « نيويورك تايمز 15/9/2014»، تهكم فيها على الرئيس الأمريكي، عبر الإشارة إلى تصريح لوزير الخارجية، جون كيري، قال فيه: « سبق أن أعلن أن الولايات المتحدة ليست في حالة حرب مع تنظيم الدولة»، فلما كان الأمر كذلك: « فماذا يمكن تسمية التحالف الدولي الراهن الذي تقوده أميركا إذن؟»!! لعله ذات التساؤل الذي دفع إد روجرز في « الواشنطن بوست» للتساؤل عما ما إذا كان: « هناك تمرد خفي يختمر حول أوباما داخل بلاده نفسها، في أعقاب كشفه عن إستراتيجية الولايات المتحدة لقيادة تحالف دولي لمواجهة تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا .. تمرد؛ قد يكون يحاك حول أوباما ضمن أوساط إدارته نفسها، ربما جعله يُقْدم على اتخاذ قراره الأخير، وهو المتمثل بإعلانه عن عزم بلاده شن حملة عسكرية عالمية ضد تنظيم الدولة بعد أن تردد لسنوات»، وهو ما يعني بالنسبة للكاتب، ديفيد روثكوف، في مقاله بمجلة « فورين بوليسي» أن: « الولايات المتحدة تتورط في حروب مستمرة، وأن أوباما قد بدأ حربا ضد تنظيم الدولة في الشرق الأوسط يصعب الخروج منها، وأنها لن تنتهي، ولا مخرج منها، وستبدأ من العراق وسوريا، ولكنها قد تطال الشرق الأوسط والمنطقة برمتها»[77].
   حين يجري الحديث عن « تمرد» داخل الإدارة الأمريكية، فلا يذهبَن الحديث عن مثيله في العالم الثالث، حيث الحروب والانقلابات والاستبداد والديكتاتورية وسفك الدماء، بقدر ما سيتعلق الأمر بوجود انقسامات عميقة، ستنعكس سلبا على محتوى الإستراتيجية، إنْ لم يكن على وجودها من الأصل، كما سنرى لاحقا. ومنذ البداية كانت المصطلحات المتداولة عرضة للنقد، بسبب غياب التوافق حول الهدف من تكوين التحالف الدولي. وفي السياق ينقل الكاتب الْكامن في مقالة له بصحيفة « الواشنطن بوست – 5/10/2014» تصريحات للجنرال المتقاعد، جون ألين، يقول فيها: « إن استخدام الرئيس باراك أوباما لكلمة القضاء على كان غير دقيق، وإنه يمكن استخدام كلمة إضعاف في وصف مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة»[78]. أما توماس فريدمان، الذي جرى
 تسويقه حتى في العالم العربي بالصحفي المخضرم الذي لا يُشَق له غبار، فعبر عن رأي أقرب ما يكون إلى الإحباط، حين كتب في « نيويورك تايمز» يقول: « إن أنسب خيار للقضاء على تنظيم الدولة هو المتمثل في محاولة احتوائه بحيث يقضي على نفسه بنفسه»[79]، وهي مقاربة لم يتوانى تقرير مجموعة « mebriefing» عن وصفها بـ: « الحكمة الزائفة التي تقول دعهم يتقاتلون، فنحن لا يمكننا فعل أي شيء على أي حال أو أنّهم سوف يتوقفون عندما يشعرون بالتعب. هذه الحماقة تميل إلى رؤية الأشياء بطريقة تجريبية كنوع من أنواع المنهجية»[80].
     بدت الولايات المتحدة واقعة بما يشبه الجدل البيزنطي، إزاء المشهد العراقي، وما يتوجب عليها القيام به. فبينما كانت صحيفة « وول ستريت جورنال – 20/6/2014» كمن يقيم بيت عزاء على ما بات: « يُحزن العالم وهو يرى مقاتلي تنظيم الدولة يقودون الدبابات والآليات العسكرية والأميركية وقطع المدفعية وعربات الهمفي التي استولوا عليها في العراق»، كانت افتتاحية « الواشنطن تايمز» مشغولة في تأملات: « البيت الأبيض (وهو) يعيش حالة من الحيرة بشأن التسمية المناسبة لحملته الجوية ضد تنظيم الدولة»[81]. حيرة! بررها عضوا الكونغرس، جون ماكين والسناتور ليندسي غراهام، بـ: « حقيقة عدم امتلاك إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إستراتيجية فاعلة تجاه عزل النظام السوري، يكون من شأنها إنهاء الصراع في البلاد والمنطقة». في حين رأى فيها كاتبان آخران في صحيفة « لوس أنجلوس تايمز – 7/10/2014»، هما فريدرك كاغان وكيمبرلي كاغان، مبررا للدعوة إلى « نشر قوات برية»، وإعادة « التفكير بنهج جديد يمكنه أن ينجح بالقضاء على تنظيم الدولة، وإلا فعلى الجميع التعايش مع دولة وجيش تنظيم الدولة الإسلامية»[82]. وفي خضم الحديث عن إعادة التقييم كتب تشارلز كروثامر في « الواشنطن بوست – 11/10/2014» يقول أن: « التحالف الدولي ما يزال ضربا من الخيال»، وأن « هدف التحالف هو إخراج تنظيم الدولة من العراق واحتواؤه في سوريا، ولكننا لم نر شيئا من ذلك»[83].
   وحول فاعلية الضربات الجوية ميدانيا، علقت صحيفة « التايمز – 29/9/2014» البريطانية، على ما قاله رئيس هيئة الأركان البريطانية السابق، الجنرال لورد ريتشاردز، بأنه: « حتى مع وجود رادارات حديثة فإن الطائرات لن تستطيع التحليق فوق كل موقع محتمل لتنظيم الدولة»، وأن « تلك الطائرات عادت أكثر من مرة إلى قواعدها دون أن تُلقي أي قنبلة لأنها لم تعثر على أهداف مميزة»[84]. وكان يشير بذلك إلى عودة طائرتين بريطانيتين من طراز «Tornado GR4» أكثر من مرة دون أن تنفذ مهماتها. وذات الأمر تحدثت عنه الكاتبة جنيفر روبين في « الواشنطن بوست – 18/10/2014». إذ نقلت عن: « خبراء إستراتيجيين يرون أن العدد الضئيل من الضربات الجوية على تنظيم الدولة يظهر أن هناك عجزا معلوماتيا لدى قوات التحالف الدولي»[85]. ومن جهتها أكدت الكاتبة Nancy A. Youssef في مقالتها: « لا تغييرات في خطة أوباما ضد داعش، وتوقعات سرية بتقسيم العراق»، المنشورة في « الديلي بيست[86] – 29/5/2015»، أن: « المسؤولين الأمريكيين يصرون على أنهم لا يضربون إلا عندما يكون لديهم معلومات استخبارتية جيدة عن مواقع التنظيم»[87].
    ولأن الطائرات تعود من حيث أتت محملة بذخيرتها؛ فقد تَقرَّر عقد أول اجتماع لوزراء خارجية دول التحالف، في مقر حلف شمال الأطلسي في العاصمة البلجيكية- بروكسل يوم 3/12/2014، برئاسة جون كيري، لوضع « إستراتيجية تتجاوز الضربات الجوية». لكن النتائج لم تختلف عما تم التوصل إليه في لقاءات ومؤتمرات سابقة. فقد ظلت معضلة (1) بقاء الرئيس السوري، بشار الأسد، فضلا عن (2) التدخل البري قائمة، وسط إصرار أمريكي على عدم الانجرار إليها. وهو ما لفت انتباه الكاتب، ماركو روبيو، في « الواشنطن بوست –  13/12/2014»، حين رأى أن: « التحالف الدولي يستخدم سياسة أنصاف الحلول في إستراتيجيته لمواجهة تنظيم الدولة، وأن الحملة الجوية لا تعتبر كافية لهذه المهمة»، موضحا ما يبدو خارطة طريق تؤكد على: « (1) أن أي جهد ناجح ضد تنظيم الدولة الإسلامية يجب أن يتضمن خطة لإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد والإعداد لمرحلة ما بعد الأسد». وأنه « (2) على الولايات المتحدة وشركائها في التحالف التحرك بسرعة لإيجاد منطقة عازلة آمنة على طول الحدود مع تركيا»، و « (3) البدء بفرض منطقة حظر جوي على طيران النظام السوري». أما ديفيد إغناتيوس فأقر في « الواشنطن بوست» أن « إستراتيجية التحالف الدولي لمواجهة تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا مليئة بالتناقضات». لكنه أوضح أن: « أوباما يفضل إستراتيجية مواجهة تنظيم الدولة في العراق أولا، في ظل المعضلة الشائكة التي تواجهها سوريا». أما المعضلة ذاتها فتكمن، بحسب إغناتيوس، في أن: « بعض المسؤولين الأميركيين يطالب بتنحية الأسد، والبعض الآخر يشعر بالقلق تجاه ما قد تشهده سوريا في حال الإطاحة بالنظام، قبل أن تكون هناك سلطة جاهزة لتسلم زمام الأمور في مرحلة ما بعد الأسد»[88].
    لا أحد يدري ما الحل!!! نهاية؛ حيرت حتى لجنة الدفاع في البرلمان البريطاني التي انتقدت وزراء وقادة عسكريين لـ « فشلهم في تقديم فكرة واضحة عن أهداف أو إستراتيجية بريطانيا في العراق»؛ وكتبت في تقريرها (13/12/2014) تتساءل: « بالنظر إلى الاستقطاب الحاد والضعف الهيكلي للدولة العراقية، نتساءل هل احتواء ومنع تمدد داعش سيكون هدفا أكثر واقعية من القضاء التام عليه؟»وفيما بدا إجابة محتملة؛ أضاف التقرير أنه: « توجد هوة كبيرة بين العبارات الرنانة التي ترددها بريطانيا وشركاؤها وواقع الحملة على الأرض… سيكون من الصعب جدا تدمير داعش»[89].
 
   في المقابل؛ جاءت تقييمات وزير الدفاع الأمريكي الجديد، آشتون كارتر، على النقيض من كل ما سبق. فعندما سئل في 24/2/2015 عما إذا كان يرى حاجة إلى إعادة نظر في الإستراتيجية قال بلا تردد: « لدينا عناصر الإستراتيجية السليمة»، وأن « جهودنا حتى الآن حققت بالفعل بعض الآثار المهمة، أما تحالفنا العالمي؛ فعلى مستوى هذه المهمة، وكذلك القيادة الأميركية». وفي بيان أصدره البنتاغون على لسانه قال: « إن التحالف الدولي يضغط على تنظيم الدولة في العراق وسوريا من الكويت وغيرها من المناطق، وإن إلحاق الهزيمة به في النهاية ليست محل شك»[90]. لكن هل هي كذلك فعلا، خاصة بعد سقوط الرمادي وحالات الكر والفر بين المدن والأرياف؟
    لو كانت كذلك، في حينه، لما اجتهد دهاقنة معهد واشنطن عشية سقوط الرمادي إلى دراسة الإستراتيجية على نطاق واسع. فقد أصدر « المعهد[91] – نيسان/ ابريل 2015» تقريرا جديدا حول الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، كتبه خمسة أشخاص من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، هم: اثنين من مستشاري الأمن القومي السابقين، صمويل بيرغر وستيفن هادلي؛ والسفير الأمريكي السابق في العراق وتركيا جيمس جيفري؛ ومسؤول سابق في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ودينيس روس المبعوث السابق للسلام في الشرق الأوسط لفترة طويلة؛ بالإضافة إلى روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن. وكان أبرز ما تطرق إليه التقرير هو مصير « الدولة القومية» القائمة في المنطقة.
     وبحسب التقرير فإن: « الهيكلية الكاملة لنظام الدولة في الشرق الأوسط معرضة للخطر .. وإذا استمر هذا الاتجاه
المُضعِف، ستضطر الولايات المتحدة، لا محالة، إلى مواجهة المؤامرات المحاكَة، ليس ضد أصدقاء واشنطن فحسب، بل ضد الوطن الأمريكي أيضاً». ورأى التقرير أن: [ قيام إستراتيجية تحافظ على نظام الدولة في الشرق الأوسط، وتواجه تنظيم « الدولة الإسلامية في العراق والشام» (« داعش») / « الدولة الإسلامية» وتدحره، وتُطمئن الزعماء السنّة الرئيسيين … وتتصدّى للإيرانيين، ستحتاج إلى رؤية حول الطريقة التي تريد واشنطن من خلالها تحريك المنطقة رؤية تهدف في إطارها الولايات المتحدة إلى إضعاف الإسلاميين المتطرفين، سواءً كانوا من السنّة أو الشيعة]. إذ يعتقد معدو التقرير أنه: [ في نهاية المطاف، إذا كانت الولايات المتحدة تأمل في تعبئة السكان العرب السنّة في العراق وسوريا لمعارضة «داعش» … لا يمكن لإيران أن تكون حليفاً مفترضاً. إن ظهور مثل هذه الشراكة ستحول دون أي جهد سنّي جاد لنزع شرعية تنظيم «الدولة الإسلامية»].
    لذا؛ وبعيدا عن إيران، يوصي التقرير بـ [ (1) التركيز على إلحاق الهزائم بتنظيم «داعش»، و (2) العمل مع شركاء محليين لإيجاد ملاذ آمن داخل سوريا، و (3) تعزيز العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين مثل مصر، و (4) العمل بهدوء مع إسرائيل لمنع المزيد من التآكل في العلاقات الثنائية].
   أما بعد سقوط الرمادي، فبدت هذه الدراسة أو تلك غير ذي جدوى. ووسط تباين في الآراء وصفته « الواشنطن بوست – 20/5/2015» بالقول: « أنه يعكس فشل إستراتيجية العراق ضد تنظيم الدولة، وأنه أكثر من مجرد فقدان مدينة رئيسية في أكبر محافظات العراق لأنه يمكن أن يقوض الدعم السني للجهد العراقي الأوسع لدحر التنظيم بما يشكل تعقيدا كبيرا للمجهود الحربي». وفي مقالة أخرى في الصحيفة اعتبر الكاتب، تشارلز كرثامر، « الحملة الجوية غير فاعلة، مما يدل على عقم الإستراتيجية المتبعة». وأضاف بأن: « نفوذ الولايات المتحدة بالشرق الأوسط آخذ بالتضاؤل، وخاصة في أعقاب قرار أوباما بسحب القوات الأميركية من العراق، الذي كان خطأ فادحا، حيث ترك البلاد ساحة للإرهابيين وترك المنطقة تعاني من فراغ خطير». ومن جهته تساءل يوجين روبنسون في الصحيفة ذاتها: « لماذا علينا أن نحارب من أجل العراقيين، إذا كانوا هم لا يريدون القتال من أجل أنفسهم؟»، مشيرا إلى أن: « هذا السؤال يأتي في أعقاب سقوط الرمادي في أيدي تنظيم الدولة الذي كشف عن الفراغ في صميم السياسة الأميركية». ولاحظ أن: « من بين البدائل والخيارات المتاحة لإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة ما يتمثل في ضرورة غزو العراق واحتلاله مرة أخرىفإذا ما قامت الولايات المتحدة والغرب بغزو العراق مجددا، فإن تنظيم الدولة سيبقى مسيطرا أيضا في سوريا وسيبقى يشكل نفس التهديد، مما يتطلب ضرورة دخول الولايات المتحدة وحلفائها في الحرب السورية»، لذا، والكلام للكاتب، فإن « الخيار الآخر يتمثل بالانسحاب من المنطقة … مع أنه … الخيار الأسوأ». أما افتتاحية « وول ستريت جورنال» فردت على تصريحات الرئيس الأميركي القائلة « لا أعتقد أننا نخسر» بالتساؤل عن مفهوم أوباما للخسارة « كيف يُعرّف الرئيس النصر؟»[92].
 
    وكتبت صحيفة « الديلي تلغراف – 20/5/2015» البريطانية في افتتاحيتها تقول: « إن سقوط الرمادي بما لها من أهمية إستراتيجية يمثل اختراقا مهما لمقاتلي تنظيم الدولة، ولاسيما أن نجاحهم هذا يأتي في وقت اعتقدت فيه معظم الحكومات الغربية أن التنظيم يتراجع». وأمعنت الصحيفة في النقد حتى وصفت الوضع بـ « الكارثي» و « النكسة الخطيرة للساسة الغربيين الذين ظنوا أنه بتوفير دعم عسكري محدود وتدريب الجيش العراقي ستنجح بغداد في النهاية في إنهاء تهديد تنظيم الدولة وإعادة الأغلبية العظمى من البلاد لسيطرة الحكومة، ولكن بعد عام على رفع التنظيم أعلامه فوق مناطق شاسعة في شمال وغرب العراق يبدو أن احتمال إعادة بغداد تأكيد سلطتها لا يزال أبعد من أي وقت مضى». وفيما يتعلق بتداعيات الحدث على الشأن السوري رأت الصحيفة أنه: « (1) مع استمرار تنظيم الدولة في تحقيق مكاسب كبيرة بسوريا المجاورة، و (2) مع التقارير التي تفيد بقرب الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد في دمشق، يواجه الغرب الآن احتمالا حقيقيا للاضطرار إلى التعامل مع كيان إسلامي متشدد ومستقل، تماما مع كل التداعيات الأمنية الخطيرة التي ستنشأ». ومن جهتها وصفت افتتاحية صحيفة « الإندبندنت» سقوط الرمادي بأنه: « (1) دليل على فشل السياسة الأميركية في العراق والمنطقة بأكملها»، وأنه « (2) أكبر انتصار لتنظيم الدولة خلال هذا العام (2015)»، وأنه «  (3) يكذب المزاعم بأن التنظيم يتقهقر»[93].
   وفي تقرير عميق له نفى موقع « mebriefing 20/6/2015» وجود إستراتيجية أو أي مفهوم واضح. وألقى باللائمة على القادة السياسيين والعسكريين. وبحسب التقرير فإن: « الغارات الجوية الأمريكية، التي يُطلق عليها اسم التحالف الدولي، ليست سوى عمل فني في أزمة سياسية وإستراتيجية في جوهرها». لذا: « يجب على قادة البنتاجون معالجة مسألة إستراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط … لقد أوضحوا مؤخرًا أنّ هناك إستراتيجية يمكن القيام بها عمليًا في ظل هذه الظروف .. لا يمكننا فهم لماذا ينبغي على البنتاغون تحديد الإستراتيجية الأمريكية؛ فأي إستراتيجية بتعريفها الشائع هي أكثر شمولًا من الجانب العسكري … لكن يبدو أنّ ثقافة واشنطن قد اعتادت على عسكرة السياسة الخارجية إلى الحد الذي كلما تم الحديث عن كلمة إستراتيجية، يتحول الجميع إلى البنتاغون». أما « الجيش فهو أداة إستراتيجية، ويفضل أن تكون الأداة الأخيرة. لا ينبغي محاسبة الجيش عن أي إستراتيجية يجري تنفيذها، ورغم أنّه يدعم الدبلوماسية لأنّ دورهما يجب أن يكون متكاملًا في مفهوم واحد في أي إستراتيجية، لكن استخدام الجيش يُعدّ بمثابة قمة الهرم. لكننا في الحقيقة لم نر أي إستراتيجية أو مفهوم. لم تكن هناك خيارات تمت مناقشتها بشكل عميق. وعندما كان هناك بعض الخيارات، تم رفضها من قبل الساسة غير الموهوبين وغير الأكفاء»[94].
 
   لكن مهما تباينت الآراء حول سقوط الرمادي*، إلا أنها أسقطت كل المحرمات في السياسة الأمريكية. وأطلقت سيركا إعلاميا غير مسبوق. ولن ينفع واشنطن الإعلان عن أنها بصدد إعادة النظر في إستراتيجيتها بعد سقوط الرمادي، وهي مقتنعة تماما، بحسب ما نقلته « وكالة الصحافة الفرنسية – 21/5/2015» عن مسؤول في الخارجية الأمريكية، امتنع عن ذكر اسمه، أن « تنظيم الدولة يشكل تهديدا هائلا». وسواء سقطت الرمادي بيد « الدولة» أو انتزعت منها فالحقيقة الأشد إثارة جاءت على لسان وزير الدفاع الأميركي الأسبق، روبرت غيتس، لقناة « MSNBC – 19/5/2015» حين قال ما لم يقله أحد من قبل: « لم تكن لدينا إستراتيجية فعلية على الإطلاق، نحن نقوم بهذه المهمة كل يوم بيومه»[95]. بعد غيتس لحق به رئيس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ السناتور، جون ماكين، في تصريحات نقلتها صحيفة « ذا هيل – 24/5/2015» قال فيها: « ينبغي أن يكون لدينا إستراتيجية، ولكن ليس لدينا واحدة وأي شخص يقول أن هناك واحدة، أود أن أعرفها، لأنه بالتأكيد ليس هناك إستراتيجية واضحة الآن»[96]. لكن هل يختلف كلام غيتس وماكين عن كلام الرئيس أوباما عن الإستراتيجية!!؟
   يبدو أنه لا يختلف إلا في الشكل. لكن المضمون واحد. حتى لو جاء في صيغة التفافية، يتطلبه الأداء الرئاسي. بمعنى أن ما لا يستطيع الرئيس قوله يمكن أن يقوله غيره. وفي السياق كتب مراسل واشنطن Gilles Paris يقول: « في مايو 2014؛ ( أي قبل سقوط الموصل أو الحديث عن الحاجة لإستراتيجية) وأمام طلاب ويست بوينت، عرض أوباما عقيدته نافيًا أن يكون هناك انسحاب محتمل للولايات المتحدة من الشؤون الدولية، مشيرًا إلى رغبته في الحد من استخدام الخيار العسكري إلا في المسائل التي تهدد المصالح الحيوية للولايات المتحدة، وعندما تكون المصالح فقط إستراتيجية، على غرار تهديدات الجماعات الإرهابية، فإن أوباما يفضل الشراكة المباشرة مع البلدان المعنية بدلاً من الغزو، الذي يعتبره عمل ساذج وغير مقبول، كما هو قرار غزو العراق الذي اتخذه سلفه»[97]. فهل يمكن الحديث عن إستراتيجية في حين أن الولايات المتحدة تنقسم على خطر « الدولة الإسلامية»؟ لعل الإجابة الجوهرية تكمن في مفهوم أوباما وإدارته للإستراتيجية وليس مفهومه للنصر.
 
    لا ريب أن أكثر مقالة استحقت بجدارة توصيف السيرك الأمريكي هي مقالة Micah Zenko في مجلة « الفورين بوليسي[98] – 21/5/2015»، والتي جاءت تحت عنوان: « التطرف الأمريكي الخبيث في مواجهة الإرهاب الإسلامي».
    يبحث الكاتب في مقالته العميقة عن « ماهية العدو» لدى الولايات المتحدة، كمقدمة لمعاينته لدى المسؤولين الأمريكيين. ويقول بأنه « خلال الشهور الستة الأخيرة، لوحظ حدوث نقلة صغيرة، ولكنها هامة، في الفكر الأمريكي لمكافحة الإرهاب»، والذي يصفه بـ « الفكر الخبيث والمتطرفوالخطير والوهمي .. الذي لم يتم اختباره». وبحسب الكاتب فإن: « العدو، الذي حُدد سابقا وببساطة على أنه القاعدة والتنظيمات التابعة له، أصبح يشمل الآن أفكارا غير متبلورة مثل التطرف الإسلامي أو المتطرفين العنيفين”» ... مشيرا إلى أن « العدو كان دائما معرضا للتصنيف الشديد وخفي بشكل ما، .. وأنه تَوفر سابقا، على الأقل، قائمة معترف بها من التنظيمات البارزة. أما الآن، فالعداوة أصبحت متمثلة في مجموعة غير محددة ومتنافسة، من التنظيمات أو الأشخاص الذين لديهم صلة مزعومة بأعمال الإرهاب». ويلاحظ أنه: « مع القليل من الوعي بعواقب ذلك التحول في الخطاب، أصبح الفكر الأمريكي لمكافحة الإرهاب أكثر غموضا، أقل واقعية، وأصبح تدريجيا مفتوح النهاية ... فالتنظيمات الجهادية الإرهابية تنمو من حيث الأعداد، القوة التقديرية، قوة الفتك، .. والتأثير على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة. إلا أنه يتم بث نفس الصور الرنانة المبتذلة، والأهداف غير المعقولة بالكامل، مرارا وتكرارا، في غياب أي مؤشر، لأي استفادة إستراتيجية، أو تعديلات في السياسة». لذا؛ فـ: « إن استمر ذلك الفكر الأمريكي الخبيث والمتطرف .. لمواجهة الإرهاب دون فحص، فسيؤدي إلى المزيد من الإيهام، للمسؤولين الحكوميين والمواطنين الأمريكيين، نحو الاعتقاد الباطل، بأن محاور العمل الحالية عادية ومقبولة، ولا تتطلب أي تعديل». وإذا: « تبنت الولايات المتحدة نفس العشوائية التي تنتهجها في وصف الأعداء الإرهابيين في أعمال القصف لَمَثَّل ذلك جريمة حرب».
    بهذه الخلفية ينبه الكاتب القارئ بأن يضع في اعتباره ما يراه « مزيجا غامضا من الأعداء المجردين، الذين أعلن عنهم المسؤولون الأمريكيون» … مزيج يرصده بدقة بدء من:
  • ] « الرئيس الأمريكي الذي قال في فبراير: « نحن في حرب مع الأشخاص الذين جنحوا عن الإسلام”، وأنه: يجب على المجتمع الدولي أن « يبيد تلك الآفة من التطرف العنيف».
  • أما الجنرال ديمبسي فيقول أن الولايات المتحدة في حرب: « ضد التنظيم الذي انحرف عن الإسلام».
  • وفي فبراير، أطرت مستشارة الأمن القومي الأمريكية، سوزان رايس، مهمة الولايات المتحدة بـ « إعاقة الإرهاب العنيف». وحاولت مبكرا من ذات الشهر وصف العنف غير المحدد بقولها: « مع القضاء على جوهر تنظيم القاعدة، شهدنا توسع التهديد إلى التنظيمات التابعة للقاعدة، داعش، الميليشيات المحلية، والمتطرفين العنيفيين المحليين».
  • وفي فبراير أيضا، زعم إريك هولدر، المدعي العام في حينها، أن الولايات المتحدة ببساطة « تحارب تهديد التطرف العنيف».
  • الجنرال لويد أوستن، قائد القيادة المركزية الأمريكية: فالعدو هو « داعش والتنظيمات المتطرفة العنيفة الأخرى».
  • وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري،: « أسميه عدو الإسلام. بغض النظر عن حقيقة أنه من المفترض أن يفسر كيري ماهية الإيمان الشرعي لمليار مسلم، من هو ذلك العدو تحديدا؟».
 
أما المرشحون الرئاسيون فكانت لهم صولات وجولات في تحديد ماهية العدو وما سيفعلونه به:
  • صاغ السيناتور الجمهوري ماركو روبيو « العقيدة المطبقة» بقوله: « بالنسبة لإستراتيجيتنا لمواجهة الجهاديين والإرهابيين حول العالم، فإنني أحيلهم إلى الفيلم تاكن الذي يقوم ببطولته النجم ليام نيسون. حيث قال البطل عبارة تمثل الإستراتيجية التي يجب أن نتبناها»، هي: « سوف نبحث عنك، سنجدك وسنقتلك».
  • السيناتور الجمهوري تيد كروز: « سوف نتخذ موقفا وسنهزم الإرهاب الإسلامي المتشدد».
  • ريك بيري، الحاكم السابق لولاية تكساس،: « نحن في السنوات الأولى من صراع مع المتطرفين الإسلاميين العنيفيين، والذي سيستمر لعقود عديدة».
  • السيناتور الجمهوري، راند بول، العدو هو « الإسلام المتشدد» و« كارهي البشرية».
     أما فيما يتعلق بتوجه الإدارة الأمريكية « للتعايش مع الإرهاب» فالكاتب يتوقف عند تصريح للرئيس أوباما زعم فيه سابقا أن تلك الحرب « مثل جميع الحروب، يجب أن تنتهي»، لكنه يلاحظ أن: « المسؤولين وصناع القرار لم يعودوا يدعون أن الحرب على الإرهاب ستنتهي مطلقا، ولا يقدمون أي سرد حول كيفية انتهاء هذه الحرب. وبدلا من ذلك، يحاولون تطبيع الحرب على الإرهاب كأمر يجب أن يتقبله جميع الأمريكيون ويعتادوا عليه». وفيما يلي حزمة جديدة ومثيرة للغاية من التصريحات وتعليقات الكاتب:
  • وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر: « يجب أن نفكر بشأن الإرهاب بشكل أعم كجزء أكثر استمرارية من مهمة الأمن القومي الخاص بنا»، وهو ما عبر عنه، منذ ثلاث سنوات، مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية، جون برينان، الذي كان حينها أقرب مستشاري أوباما لشؤون « مكافحة الإرهاب»، بقوله: « لن نستريح حتى يتم القضاء على تنظيم القاعدة وإبادته في أنحاء أفغانستان، باكستان، اليمن، أفريقيا، ومناطق أخرى. نحن عازمون على تحقيق ذلك. إلا أنه، خلال الشهر الماضي، عند سؤاله بجامعة هارفارد بشأن موعد انتهاء الحرب على الإرهاب، أجاب بشكل فلسفي قائلا: إنها حرب طويلة، مع الأسف. ولكنها حرب كانت موجودة لآلاف السنين … لذلك فإنه أمر، حسبما أظن، سيتوجب دائما أن نتوخى الحذر منه. أي أن هزيمة الإرهاب أمر أخروي وأبدي»!!!!! إلا أن النائب الجمهوري ترينت فرانكس تجاوز برينان فلسفيا في قوله: « لقد كنا نحارب ذلك الفكر الإسلامي المتشدد لمدة 1400 عام. أي قبل قرون من تأسيس الولايات المتحدة»!!!!
      يختم الكاتب مقالته بالقول: ما « يمثل أكبر مصدر للإحباط .. هو أن نفس هؤلاء المسؤولين وصناع القرار لا يزالون يدعون أن تلك التهديدات الإرهابية المنتشرة ستدمر، ستنهزم و ستباد». لكن، وبحسب الكاتب: « لن يحدث ذلك ببساطة لأن الولايات المتحدة وشركائها مستمرون في تطبيق نفس الاستراتيجيات والسياسات مع التطلع بحماقة إلى نتيجة مختلفة … ولأن شيئا لم ينجح في مواجهة ذلك الفكر، يفترض أن نصبح معتادين على حرب لانهائية وضد مفهوم غير موصوف» [.
 
   فعليا لا تغييرات تذكر لا على مستوى الفكر، ولا على مستوى الإستراتيجية الأمريكية. وتشير مقالة Nancy A. Youssef الآنفة الذكر[99] إلى أن: « كثيرين من البنتاغون يعتقدون بأن الهدف الحقيقي هو جعل الوقت يمر فقط»، لذا: وبحسب تصريحات للمتحدث باسم « البنتاغون»، الكولونيل ستيفن وارن، في 27/5/2015، فإن: « الولايات المتحدة تدرس فقط تهذيب تكتيكاتها، وليس إصلاح إستراتيجيتها». وتنقل الكاتبة عن أحد المسؤولين الذي يعمل بشكل وثيق على الإستراتيجية العسكرية قوله لـ « ديلي بيست»: « أعتقد أن دافع هذا هو الشعور بأن هذه الحرب ليست حربنا، وبأن علينا محاولة الاحتواء فقط، والتأثير فيها حيث نستطيع فعل ذلك»، موضحا أن: « هذه معركة طويلة، وسوف تكون معالجتها من مسؤوليات الإدارة المقبلة». وفي إشارة إلى أعضاء الإدارة قال أحد المسؤولين: « إنهم يحاولون فعل شيء ما لوقاية أنفسهم من الانتقاد الكبير فقط». في حين « كان البعض الآخر أكثر صراحةً، قائلين إن لا أحد يريد أن يستثمر الكثير من الوقت أو الموارد في صياغة نهج بديل». وتساءل ثانٍ بوزارة الدفاع قائلا: « من يريد أن يأتي جندي من جنودنا قتيلاً، أو بدون ساق إلى الوطن؟ أو أن تستولي عليه داعش، في سبيل القوات التي هربت من المعركة؟».
    اياً كان الأمر، وسواء كانت موجودة أو غير موجودة، فإن المشكلة الأكبر، بحسب مقالة عضو مجلس الشيوخ ماركو روبيو، في « الواشنطن بوست – 30/5/2015»، تكمن في أن: « إستراتيجية أوباما في الشرق الأوسط برمته تأتي بنتائج عكسية، وليس فقط في حالتي العراق وسوريا». وهو ما أدى بحسبه إلى « فراغ في المنطقة ملأته تنظيمات متطرفة»[100]. ولسنا ندري إنْ كان هذا الفراغ هو الذي شجع صحيفة « وول ستريت جورنال – 7/7/2015» على نشر تقرير كتبه كارول لي وآدم إينتوس، يقول بأن: « إدارة الرئيس الأميركي تعكف على صياغة إستراتيجية سياسية للشرق الأوسط تقوم على معالجة مركزة للصراع الدائر في العراق وسوريا واليمن»، وأنه، بحسب مسؤولين في البيت الأبيض، فإن: « الإستراتيجية الجديدة تحتوي على جهود أميركية مضاعفة في منع دول الخليج العربي من الانجراف بعيدا عن المعسكر الغربي والأميركي تحديدا» لاسيما وأن الإدارة الأميركية، بحسب مسؤولين أميركيين لم يسمهم التقرير، « عازمة على إشراك إيران في قضايا شرق أوسطية خارج إطار ملفها النووي»[101]. لكن هل بقي ما يمكن التحدث عنه بعد التدخل الروسي في سوريا؟
   بحسب تحليل سبنسر آكرمان في صحيفة « الغارديان – 1/10/2015» البريطانية فإن: « التدخل العسكري الروسي العدواني في سوريا وضع إستراتيجية أوباما والولايات المتحدة على مفترق طرق في واحد من أكثر الصراعات المدمرة في العالم» بل أن: « التصعيد العسكري الروسي في الشرق الأوسط يأتي في لحظة تواجه فيها الإستراتيجية الأميركية في سوريا والمنطقة فشلا ذريعا وانهيارا كبيرا»[102].
 
ثالثا: أمد الحرب
 
     كان نفي وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، روبرت غيتس، لوجود إستراتيجية أمريكية في العراق مثيرا للدهشة. لكن الأبلغ وقعا كانت تلك العبارة التقريرية الملحقة بالتصريح، والتي تقول: « نحن نقوم بهذه المهمة كل يوم بيومه»!!! وهي عبارة تحيلنا إلى أولئك البؤساء الذين يعانون مشقة الحياة، يوما بيوم، ليحصلوا فقط على قوت يومهم. فإذا كان هذا هو حال الدولة الأعظم في العالم تجاه أخطر القضايا في العالم؛ فما من منطق، استراتيجي أو تكتيكي، سياسي أو عسكري، أمني أو وهمي، يسمح للقادة الأمريكيين أن يتحدثوا عن حرب تحتاج إلى عدة سنوات أو عقد أو عقدين أو عن حرب تستمر لعقود .. طويلة الأمد .. إلى حد الحديث عن الحرب الجيلية أو الأخروية على حد تعبير بعض المسؤولين والكتاب.
    مهما كانت السياسة الأمريكية مثيرة في مشاهدها الهزلية أو جديتها، إلا أنها تعكس في جوانب منها مشاهد مرعبة، قد تؤدي إلى كوارث لا تحمد عقباها. فما لاحظناه منذ الإعلان عن التحالف الجديد لـ « مكافحة الإرهاب» هو ذاك التدرج العجيب، في المدى الزمني، الذي تحتاجه هذه الحرب. وفي السياق يكفي التساؤل، ليس عن الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة غير جادة في محاربة « الدولة الإسلامية» كما يعتقد الكثيرون، بل عن الأسباب التي تجعلها بحاجة إلى خوض حروب جيلية بلا نهاية، بدلا من بضع سنين. فلنتابع المسألة من بدايتها.
   قبل يومين من الإعلان عن الإستراتيجية الأمريكية، تحدثت صحيفة « نيويرك تايمز – 8/9/2014» عن خطة وضعتها وزارة الدفاع الأمريكية من ثلاث مراحل، تشمل سوريا والعراق، وتبدأ بـ « (1) شن غارات جوية، و (2) تكثيف جهود تدريب وإرشاد الجيش العراقي والمقاتلين الأكراد أو دعمهم بالسلاح، و (3) تهدف إلى تدمير تنظيم الدولة داخل سوريا». وبحسب واضعي الخطة في « البنتاغون» فمن المتوقع أن يتم إنجازها في غضون: « 36 شهرا. أي بعد انتهاء فترة حكم الرئيس الأميركي باراك أوباما»[103]. لكن بعد بضعة أيام من الإعلان عن الإستراتيجية، وفي ضوء الخطة، كتب ديفيد روثكوف مقالة بمجلة « فورين بوليسي15/9/2014» رأى فيها موضوعيا أن: « الولايات المتحدة تتورط في حروب مستمرة، وأن أوباما قد بدأ حربا ضد تنظيم الدولة في الشرق الأوسط يصعب الخروج منها، وأنها لن تنتهي ولا مخرج منها، وستبدأ من العراق وسوريا ولكنها قد تطال الشرق الأوسط والمنطقة برمتها»[104].
   « لن تنتهي ولا مخرج منها» .. عبارة تكررت لدى الكتاب والنقاد والخبراء والمختصين، لتحيل إلى سجل زمني مفتوح، مع ما يرافق ذلك من قلق، عن تورط يستحيل التنبؤ بمدياته الموضوعية والزمنية. وفي صيغة صريحة ومبكرة نقلت صحيفة « التايمز – 29/9/2014» البريطانية عن رئيس هيئة الأركان البريطانية السابق الجنرال، لورد ريتشاردز، قوله أن: « الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية قد تستمر إلى الأبد ما لم يتم تدريب ونشر جيش قوامه مائة ألف مقاتل من القوات العراقية والبشمركة ومسلحي المعارضة السورية المعتدلة»[105]. وفي المقابل نقلت « الاندبندت – 1/10/2014» عن وزير الداخلية في حكومة الظل البريطانية، ديفيد ديفيس تحذيرا، من هكذا حروب مفتوحة، جاء فيه: « أن بريطانيا تواجه خطر إقحام نفسها في حرب مفتوحة في الشرق الأوسط لا نهاية لها، ومحكوم عليها بالفشل، وأن دول الغرب على حافة الوقوع في فخ نصبه لها تنظيم الدولة»[106].
   ولأنه يعتقد أن: « الرئيس أوباما يقود الولايات المتحدة إلى لهيب حرب في العراق وسوريا دون إستراتيجية واضحة»، فقد كتب، آرمستروغ ويليامز، مقالة في صحيفة « الواشنطن تايمز – 6/10/2014» يحذر فيها من « الانزلاق في مستنقع حرب لا تنتهي في الشرق الأوسط برمته». ومثله زميله، غريغوري داديس، الذي تساءل في صحيفة « لوس أنجلوس تايمز- 6/10/2014» عن: « جدوى خوض الولايات المتحدة حروبا تلو الأخرى، … وعن الوقت الذي تستطيع فيه أميركا تحقيق الأمن القومي في ظل اتباعها نظرية شنّ الحروب على أرض العدو»[107].
   ومع ذلك؛ ووسط إعدام الرهينة الأميركي، وتصاعد القلق والخوف، فضلا عن موجة الانتقادات الموجهة لإستراتيجية الرئيس الأمريكي وخطة « البنتاغون» خشية التورط في متاهات الزمن؛ خرج المتحدث السابق باسم الخارجية الأمريكية، السفير آدم إيرلي، على قناة « الجزيرة»، في برنامج « ما وراء الخبر – 16/11/2014»، واضعا كل التحذيرات والمخاوف خلف ظهره، ليؤكد أن: « الولايات المتحدة لديها خطة جيدة لمحاربة التنظيم، وبنت تحالفا دوليا لهذا الغرض … وما يهم واشنطن هو مواصلة تنفيذ هذه الخطة التي قال إنها ستستغرق سنوات عديدة من الهجمات على تنظيم الدولة»[108].
    لاحقا لتصريحات إيرلي ظهرت مصطلحات زمنية جديدة بدت فيها الولايات المتحدة تخطط كما لو أنها حركة تحرر تخوض حرب عصابات. ففي أعقاب اجتماع دول التحالف الستين في العاصمة البلجيكية – بروكسل (3/12/2014) لتقييم أداء التحالف أصدر المجتمعون بيانا قالوا فيه أن الحملة على تنظيم الدولة بدأت تعطي النتائج. لكن البيان لم يتحدث عن أية نهاية للحرب بقدر ما جدد المجتمعون فيه: « التزامهم العمل معا في إطار إستراتيجية مشتركة ومتعددة الأشكال وطويلة الأمد لإضعاف تنظيم الدولة وإلحاق الهزيمة به»!!! وفي نفس الوقت أكد المؤتمرون العمل وفق خطة من خمسة محاور لـ « مكافحة الإرهاب» هي: « (1) زيادة المجهود العسكري، و (2) وقف تدفق المقاتلين الأجانب، و (3) قطع طرق الوصول إلى التمويلات،  و (4) معالجة مشكلة المساعدة الإنسانية و (5) نزع الشرعية عن تنظيم الدولة»[109].
   هكذا تكون الولايات المتحدة قد لفظت في بروكسيل ما ابتلعته في واشنطن، لاسيما خطة البنتاغون السابقة، وكذا مدة الثلاث سنوات، التي اعتمدتها قبيل الإعلان عن الإستراتيجية. هذا ما أكده قائد الحملة على « الدولة الإسلامية»، الجنرال جيمس تيري، في لقاء مع الصحفيين (18/1/2015) بوزارة الدفاع الأميركية حين قال: « بدأنا بالضربة الأولى ضد تنظيم الدولة منذ نحو أربعة أشهر، وقد حققنا تقدما ما ضمن الخطة الدفاعية، حتى يتمكن التحالف من التوسع جغرافيانحتاج ثلاث سنوات على الأقل لإحداث نقطة تحول في المعركة مع التنظيم … »[110]. وهو ما أكده وزير الدفاع الأمريكي، أشتون كارتر، خلال جلسة استماع أمام لجنة الاعتمادات المالية بمجلس النواب الأميركي، حين قال: « إن أمد الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة في سوريا والعراق سيكون أطول من ثلاث سنوات وأن تحديد السنوات الثلاث يتعلق بأسباب دستورية وقانونية». وفي مناقشتها لتصريحات كارتر في برنامج « ما وراء الخبر[111] – 5/3/2015» على قناة « الجزيرة»، التي تساءلت « عن الاعتبارات السياسية والعسكرية وراء توقع أن تمتد العمليات ضد تنظيم الدولة لأكثر من ثلاث سنوات؟»، برر ضيف البرنامج، المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية، جيف غوردون، المدة الزمنية بـ: « متطلبات دستورية وقانونية» تتعلق بالحاجة إلى « تمديد تفويض استخدام القوة ضد تنظيم الدولة»، مشيرا إلى أن: « الكونغرس فهم رسالة وزير الدفاع الأميركي، وسيتخذ قرارا بتمديد التفويض»!!!! لكن (1) الكونغرس لم يستجب للرئيس الأمريكي بتمديد التفويض، كما أن كارتر (2) استعمل عبارتي « على الأقل» و « لإحداث نقطة تحول» في الحديث عن مواجهة « الدولة». بمعنى أن الولايات المتحدة تحتاج إلى « مزيد من الوقت» وليس تفويضا.
 
    وبعد أقل من شهرين على مؤتمر بروكسيل، وضمن القراءات البريطانية، نظمت لندن مؤتمرا آخرا في 22/1/2015، ضم 21 دولة من دول التحالف، لتقييم أداء الحملة. وبدا التناقض واضحا في تصريحات وزير الخارجية، فيليب هاموند، حين قال: « إن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية قد يحتاج إلى نحو عامين ليطرد التنظيم من العراق». لكنه في موضع آخر ناقض نفسه بإضافة مصطلح زمني جديد ومفتوح بقوله: « إن أعضاء التحالف أكدوا التزامهم بمحاربته مهما طال الوقت»[112]!!! وفي خضم مناقشات مجلس العموم البريطاني لمطالب رئيس الحكومة، ديفيد كاميرون، ووزير الدفاع، مايكل فالون، بتوجيه ضربات جوية ضد « الدولة الإسلامية»، بدا أن مفهوم « الحرب الجيلية» قد استقر أيضا في العقل البريطاني، بعد أن سبقه رسوخا عميقا في العقل الأمريكي. ففي دفاعه عن شن الغارات الجوية أوضح وزير الدفاع في 3/7/2015 الأمر بالقول: « نحن مشاركون في قتال سيستمر جيلا»، وأن الحكومة لن تستشير البرلمان لتشن هجمات جوية « إذا ما تعرضت المصالح الوطنية البريطانية العليا للتهديد أو لتدارك كارثة إنسانية»[113]. وفي مؤتمر باريس من أجل دعم العراق (2/6/2015)، تبنى الفرنسيون مصطلح « طويلة الأمد» حين أعلن وزير الخارجية ، لوران فابيوس، أن: « المعركة ضد تنظيم الدولة ستكون طويلة»[114].
   من جهته استفاق دونالد رامسفيلد، وزير دفاع الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش، ليدلي بدلوه خلال مقابلة له مع صحيفة « التايمز – 6/6/2015» البريطانية. وفي سياق الأزمنة الطويلة، رأى أن: « الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط قد تستغرق عقودا»[115]. وبعد خروجه من المستشفى، إثر كسر أصاب فخذه الأيمن، استعاد وزير الخارجية، جون كيري، القدرة على السير والكلام، ووجد الفرصة ملائمة للتصريح في 13/6/2015 بأن: « المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية ستكون طويلة وشاقة»[116]. ولأنها كذلك فـ « لن تتم بسرعة وستتطلب وقتا» بحسب الرئيس الأمريكي[117] (6/7/2015).
    تزامنت التصريحات الأمريكية هذه مع صدور « إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي لسنة 2015». وفي السياق
 نقلت « الفورين بوليسي – 2/7/2015» عن رئيس هيأة الأركان المشتركة، الجنرال مارتن ديمبسي، تعليقا له على مسألة: « مكافحة التنظيمات القوية .. مثل تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة والجماعات التابعة» ملاحظا أن: « الولايات المتحدة وحلفاءها يجب أن يكونوا مستعدين لـ (1) خوض حرب طويلة في (29 أوقات غير محددة (3) حول العالم»[118]. وبعد أيام مَثُل الجنرال في 7/7/2015 أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ ليقدم ما وصفه الكاتب Walter Pincus  بـ « تقييم صريح» للأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والحرب على « الدولة الإسلامية». ويخلص الكاتب إلى القول: « بصفة عامة، أعرب ديمبسي عن شكوكه حول التدخل العسكري الأمريكي في المنطقة. ظهور تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من المشاكل في الشرق الأوسط هي قضايا جيلية لن تحلها القوة العسكرية فقط»[119].
   كان الكاتب الأمريكي، Micah Zenko، قد توقف في مقالته العميقة عند مفهوم « الحرب الجيلية» في إطار البحث عن الأمريكي عن العدو. ولاحظ أن: « إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة ( 2015) تصف الحرب بأنها نضال جيلي في أعقاب حرب العراق عام 2003، والثورات العربية عام 2011، والتي ستعيد تعريف المنطقة وكذلك العلاقات بين المجتمعات وبين المواطنين وحكوماتهم». وفي السياق أشار لتصريحات أدلى بها النائب الجمهوري، ماك ثورينبيري، وصف فيها الحرب بأنها: « نضال متعدد الأجيال» وأنه، بلا لف أو دوران، « لا توجد وسيلة غير مكلفة لكسب تلك الحرب»، فيما وصفها السيناتور الجمهوري، جون ماكين، بأنها: « حرب جيلية للحضارة أمام الأعداء الشرسين»[120].
   أما الكاتب في « الديلي بيست[121] – 22/5/2015» فقد تعمق في خلفيات المصطلح في مقالة له بعنوان: « العمليات الخاصة الأمريكية تريد قتال داعش.. لكن إستراتيجية أوباما تقيدهم». وفي سلسلة من التصريحات التي تلقتها « الديلي بيست» من قادة العمليات الخاصة، وبعض المقابلات مع ضباطها، يبدو « طول الأمد» مبررا لما يكون الأمر متعلقا بحرب أفكار. وفي مطلع النص يتحدث الكاتب عن العمليات الخاصة الأمريكية بالقول: « من المفترض أن يكونوا في طليعة المعركة ضد داعش»، ولكن « العمليات الخاصة» تقول: « إنّ قواعد الحرب المقيدة لإدارة أوباما تمنعهم من القيام بهذه المهمة». ويتابع: « في ظل شعورهم بالإحباط إزاء تقدم داعش في العراق وسوريا، فإن قادة العمليات الخاصة الأمريكية يبنون قوات من أجل قتال سوف يستمر لأجيال، لا من أجل حرب يمكن الفوز بها في السنوات القليلة المقبلة».
   أما القائد العام لقيادة العمليات الخاصة الأمريكية، الجنرال جوزيف فوتيل، فيقول في تصريحات للصحيفة،
 خلال منتدى العمليات الخاصة في تامبا،: « نحن ندرك أن هذه احتمالية على المدى البعيد، ولكن يجب أن نتحلى بالصبر». ومن جهته يرى قائد العمليات الخاصة للقوات الجوية، الجنرال برادلي هيثولد،: « في هذا الصراع، لا تضل طريقك نحو الانتصار؛ بل يجب أن تمارس الضغط على القيادة من أجل التأثير عليها. ولكن هذا بحد ذاته ليس الإجابة .. هذا هو السبب في قولنا بأنّ هذا الصراع سوف يستمر لمدة 15 عامًا».
    ويفكر رئيس قيادة العمليات الخاصة في الجيش الأمريكي، الجنرال تشارلز كليفلاند، بمنطق الحرب الجيلية قائلا: « يمكننا أن نقضي عليهم، ولكنها ليست استراتيجية ناجحة. يجب أن نفكّر في الأسباب الجذرية، مثل عدم الاستقرار الاقتصادي أو الحرمان يجب أن نحاول تهيئة الظروف بحيث لا يصبح الطفل ذو الـ 8 سنوات اليوم، جهاديًا بعد 10 سنوات … أو حتى أقل من ذلك».
    « إنه أمر متعلق بالأجيال»، هكذا قال الضابط الذي قال إنّ القوات الأمريكية كانت تشعر بالإحباط نفسه أثناء تدريب قوات نيكاراغوا في فترة الثمانينيات. « كل بضع سنوات، هناك مكان لا تسمح الإدارة للقوات الأمريكية بمرافقة القوات التي قامت بتدريبها. هذا الجيل الشاب يجب أن يتغلب على هذا الأمر».
    ويعقب الكاتب على هذه الشهادات مشيرا إلى أن: « العديد من ضباط العمليات الخاصة والقوات الأمريكية في تامبا وواشنطن لا يريدون الانتظار كل هذا الوقت لخوض المعركة ضد داعش. وتحدثوا عن غضبهم من القتال عن بُعد في العراق وسوريا، وتقديم المشورة للقوات العراقية، وقوات البيشمركة الكردية، والمقاتلين السوريين من بعيد بدلًا من الانضمام لهم في المعركة».
رابعا: الاستثمار الدولي في « الدولة الإسلامية»
   تدرك « الدولة الإسلامية» وحتى إجمالي « التيارات الجهادية السلفية» أنها تخوض حربا ذات منطق رقمي، أو ما بات يسمى بـ « المعادلة الصفرية». لكنها بقدر ما حققت إنجازات معتبرة في حروبها المحلية والدولية، إلا أنها أيضا تعرضت لخسائر فادحة. وفي سوريا والعراق تقدمت « الدولة» في مناطق لكنها خسرت في مناطق أخرى خاصة في العراق. بمعنى أن الحرب يمكن أن تأخذ منحى آخر لو أن الولايات المتحدة عملت أيضا بمنطق صفري كما جرى في بلدة عين العرب وتكريت. وطالما أن الخسائر ليست على أراضيها، ولا في جنودها، فما من شيء يمكن أن يردع الحكومة العراقية أو السورية، عن تدمير البلاد على رؤوس أهلها، إذا أراد الأمريكيون ذلك، خاصة وأنهم يتحركون بغطاء سياسي محلي وإقليمي ودولي.
    في كافة المؤتمرات التي عقدت في عواصم العالم بدعوى «مكافحة الإرهاب» كان بند محاربة أيديولوجية التطرف على رأس جدول الأعمال. لكن هل تحقيق هذا البند يبرر خوض حروب جيلية؟ في هذا المبحث فإن الجواب بالنفي التام!!! لأنه في الوقت الذي يجري فيه ترقية « المربط الصفوي» في المنطقة، كبديل عن « المربط النصيري»؛ وفي ضوء مشاريع التقسيم الدولية الجارية للمنطقة، فإن الولايات المتحدة وسائر رموز النظام الدولي سيحتاجون إلى وقت طويل وغير محدد المعالم، وربما إلى جيل أو أجيال، للعمل على إعادة التقسيم على أسس طائفية. لكن مثل هذا التقسيم، الذي يعني إعادة توزيع السكان طائفيا، من المستحيل أن يتيسر تنفيذه بوسائل دبلوماسية أو سياسية، بحيث يتقبل السكان نقلهم من مكان إلى أخر، بالتراضي أو بمنطق « الدولة القومية»، وعلى الطريقة الغربية، عبر ما يسمى بـ « إرادة العيش المشترك» لمجموعة من الناس.
   بل أن مثل هذا التغيير الديمغرافي، لا بد وأن يتم بوسائل عسكرية، وحروب يصعب التنبؤ بنهاياتها، إلى أن تستقر الأمور على ما يرغب به النظام الدولي أو يلائم حساباته. تبعا لذلك؛ سيكون هناك دماء ودمار وقتل وتشريد وتعذيب وتخريب وانتهاكات بالغة الفظاعة. ولتحقيق ذلك فإن الحاجة تبدو ماسة إلى أيديولوجيات شمولية وعنيفة. وفي إطار نظرية « تقاطع المصالح»، وسواء قبلت « الدولة الإسلامية» أو رفضت، فلن يكون مشروعها في الخلافة، وصراعها مع الطوائف والأقليات، فضلا عن صراعها مع الجماعات الأخرى، إلا أفضل عرض، لا يمكن للأمريكيين والصفويين أن يرفضوه، إلا إذا كانت نتائج المواجهات في غير صالحهم على الأرض.
   مع نهايات سنة 2015 لم يعد خافيا حجم المشروع الديمغرافي الجاري العمل عليه من قبل أطراف النظام الدولي والإيرانيين والنظم الطائفية في سوريا والعراق. لكن التسريبات الأولى لهذا المشروع، والتي مثلت أولى الاعترافات الأمريكية جاءت على وقع المواجهات الطاحنة التي شهدتها محافظة تكريت العراقية وهي تخلف دمارا شاملا للمدينة وآلاف القتلى. في هذا الخضم الدموي نشرت مجلة « فورين بوليسي30/3/2015» الأمريكية تقريرا مطولا عن وقائع المواجهات، ختمته بالقول: « سواء تم التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران أم لا فإن الحقيقة التي لا ريب فيها هي أن معظم العراق يبدو على المدى الطويل ولاية فارسية تابعة لرجال الدين الإيرانيين، وأن هذا الأمر سيقود إلى المزيد من العنف الطائفي والحرب الأهلية، وأن أميركا توفر غطاء جويا لتطهير عرقي في العراق»[122].
    لا شك أن الحديث عن عمالة « الدولة الإسلامية» لإيران أو للولايات المتحدة، وفق هذا البحث، هو حديث عبثي، إنْ لم يكن حديث سفهاء. فلا الغربيين يقولون بهذا ولا الإيرانيين، ولا العقل، ولا الواقع، ولا الحقائق. وقد أثير هذا الأمر في نطاق السياسات الدولية واحتياجاتها. ولاحظه أحد مراسلي قناة « الجزيرة» في لندن، محمد أمين، في أعقاب مقالة للكاتب البريطاني، شيماس ميلين، تسببت في إعادة الجدل حول حقيقة إسهام الولايات المتحدة والغرب في نشوء « تنظيم الدولة الإسلامية». ومما قاله ميلين أن: « دعم واشنطن للمعارضة المسلحة ليس معناه أنها أوجدت تنظيم الدولة». أما « القناة» فنقلت، من جهتها، عن محللين وعسكريين تحدثوا إليها قولهم أن: « أميركا ودول الغرب لم تصنع تنظيم الدولة، لكنها ربما استفادت من ظهوره ودعمته»، بالإشارة إلى إسقاط الأمريكيين لأسلحة في مناطق سيطرة « الدولة». وفي السياق، يقول أكاديمي بريطاني أن: « واشنطن لم تصنع التنظيم لكنها أسهمت بشكل غير مباشر في تمكنيه وتعزيز شوكته عبر دعمها المعارضة المسلحة بسوريا». وهو ما يعتقده مدير مركز الأديان والصراعات بجامعة لندن متروبوليتان، جيفري هانز، بالإشارة إلى أنه: « من المؤكد أن أميركا شجعت ضمنيا تنظيم الدولة عن طريق دعم الجماعات المسلحة المتمردة المناهضة للحكومة السورية» لكن « الدعم الضمني لا يعني أنها خلقت التنظيم فهما أمران مختلفان». لذا فهو: « يختلف مع من يقول إن أميركا صنعت تنظيم الدولة»، إذ: « ليس من الدقة توصيف الأمر بهذا الشكل، كما لا توجد أدلة على أن واشنطن خلقت التنظيم»[123].
    لكن توفير الولايات المتحدة « غطاء جويا لتطهير عرقي في العراق»، تجري وقائعه في ميادين القتال، لا يبرئ «الدولة» من كونها واقعة، طوعا أو كرها، علما أو جهلا، في موضع « تقاطع مصالح» مع الولايات المتحدة، بل ومع قوى « النظام الدولي» برمته، وأن ما يجري لا يعني إلا « استثمارا»، لحاجة أمريكية ودولية في استمرار الصراع على هذا النحو، وتوظيفا لكل أدواته وأفضلها، سواء علم المعنيون بالأمر أم جهلوه. وفي هذا السياق بالذات اعتبر عضو لجنة الدفاع والأمن في البرلمان الروسي، فرانس كلينتسفيش، العداء الأميركي لـ « الدولة الإسلامية» « مجرد خرافة»، بل أنه لم يتوانى عن التصريح أمام اجتماع اللجنة عن القول بأنه: « تبين جليا أن واشنطن تحتفظ بالتنظيم في وضعية الاحتياط لاستخدامه في خدمة سياساتها في الشرق الأوسط». ومن جهته ذهب الخبير الروسي في شؤون الشرق الأوسط، أندريه ستيبانوف، نفس المذهب في تصريحاته لـ « الجزيرة نت» رأى فيها: « إن روسيا لديها قناعة بأن واشنطن إذا لم تكن هي من تقف خلف تنظيم الدولة فعلى الأقل هي معنية ببقائه، وليس من مصلحتها القضاء عليه، لكي يبقى عامل ضغط على إيران وحلفائها في العراق وسوريا، بالإضافة إلى استغلاله كعصا غليظة مسلطة على حكام الدول العربية، لابتزازهم مقابل حصولهم على الحماية الأميركية»[124].
الوثائق والمصادر والمراجع
وثائق ومصادر ومراجع الفصل الأول
أولا: المراجع
  • « آراء متباينة بالصحف الأميركية عن تقدم تنظيم الدولة»، 22/5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/bHmEe
  • « الأسد: نتلقى رسائل من التحالف عبر طرف ثالث»، 10/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/wSPo
  • « إستراتيجية أميركية لحروب طويلة غير محددة حول العالم»، 2/7/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/snqg
  • « إسرائيل تشارك بمحاربة تنظيم الدولة استخباريا»، 9/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/N79F
  • « انتقادات لإستراتيجية أوباما لمواجهة تنظيم الدولة»، 6/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/30AD
  • « انتقاد إستراتيجية أوباما لمواجهة تنظيم الدولة»، 21/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/4gcHc
  • « انتقادات لأوباما وتحذير من حرب طويلة على تنظيم الدولة»، 4/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/yDYYO
  • « أوباما: تنظيم الدولة يرتكب أعمالا همجية باسم الدين»، 5/2/2015/ موقع وكالة « رويترز»: http://cutt.us/t2O
  • « أوباما: على شركائنا السنّة التكيّف مع التغيير في علاقتنا بإيران»، شبكة « bloombergview – 5/3/2014»، واشنطن، تقرير: حسين عبدالحسين.
  • « أوباما لا يزال يدافع عن إستراتيجيته بالرغم من التقدم الذي تحرزه داعش»، 23/5/2015، موقع صحيفة « لوموند الشرق الأوسط» الفرنسية»، على الشبكة: http://cutt.us/xZa1
  • « أوباما للكونغرس: لدينا التفويض بإجراءات تدمير تنظيم الدولة»، 11/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/1ZaUP
  • « أوباما: لم نخسر الحرب وسقوط الرمادي انتكاسة تكتيكية»، 22/5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/TLEJ
  • أوباما: لن نسمح بإقامة خلافة في العراق وسوريا، 9/8/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/rUNf
  • « أوباما يدعو قادة العالم إلى التوحد ضد التطرف»، 19/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/luLg5
  • « أوباما يتجه لنشر مستشارين بالعراق والعبادي يرفض قوات أجنبية»، 18/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/fbRE
  • « أوباما يستبعد التحالف مع الأسد ضد تنظيم الدولة»، 16/11/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/9q8Y
  • « أوباما يطالب الكونغرس بقانون يجيز القوة ضد تنظيم الدولة»، 21/1/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/Pbkk
  • « أوباما يقر مساعدة عسكرية فورية للعراق»، 11/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/Xrfcr
  • « أوباما ينوي الدعوة لتحالف أوسع ضد تنظيم الدولة»، 20/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/z399
  • « أوباما: هزيمة تنظيم الدولة لن تتم بسرعة»، 6/7/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/jz7Jc
  • « البحث عن إستراتيجية في سوريا والعراق»، 20/6/2015، موقع « mebriefing»، على الشبكة: http://mebriefing.com/?p=1758
  • « بريطانيا: عامان ليطرد التحالف تنظيم الدولة من العراق»، 22/1/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/Yq86x
  • « البنتاغون يدعو إلى صبر إستراتيجي بمواجهة تنظيم الدولة»، 1/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/nfJwX
  • « تباين أميركي رسمي بشأن قتال تنظيم الدولة»، 18/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/qgiba
  • « التحالف الدولي يؤكد بدء النجاح ضد تنظيم الدولة»، 3/12/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/tsuT7
  • « التقديرات الأميركية لأمد الحملة ضد تنظيم الدولة»، 5/3/2015، برنامج « ما وراء الخبر»، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/1BC7E
  • Walter Pincus : « تقييم الجنرال مارتن ديمبسي للأوضاع في الشرق الأوسط»، 13/7/2015، موقع صحيفة «washingtonpost»، على الشبكة: http://cutt.us/q1RYT
  • « تنظيم الدولة يكشف حدود التباين الروسي الأميركي»، 26/4/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/2mmq8
  • « التوجه البراغماتي لأوباما تجاه سوريا»، 28/3/2013، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/RlIHs
  • « جنرال إيراني: أميركا تتقاعس بحربها على تنظيم الدولة»، 25/5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/YpQkX
  • جنيفر روبين: « ما مدى جدية أوباما لمواجهة تنظيم الدولة؟»، 11/9/2014، « واشنطن بوست»، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/k4pbe
  • « جنرال أميركي: المعركة مع تنظيم الدولة تحتاج ثلاث سنوات»، 18/1/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/ULXpB
  • « جنرال روسي للأميركيين: غادروا سوريا فورا.. سنبدأ القصف»، 1/10/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/xDtm
  • جون كيري ( وزير الخارجية الأميركي): « صعود التطرف يمثل تحديًا لنا جميعا»، 19 /2/2015، موقع صحيفة « الشرق الأوسط»، على الشبكة: http://cutt.us/nxzJ
  • « خلافات بالكونغرس تعقد تفويض أوباما محاربة تنظيم الدولة»، 12/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/08Qbb
  • « خيارات التحالف الدولي لمواجهة تنظيم الدولة»، 5/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/sXO5R
  • « الحملة الجوية غير كافية لمواجهة تنظيم الدولة»، 13/12/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/k4YtN
  • « دعوات لأميركا إلى دعم العراق لمواجهة تنظيم الدولة»، 29/5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/uL53
  • « دعوة لنشر قوات برية لعدم كفاية غارات التحالف»، 7/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/DIpVL
  • « دول عربية تعلن مشاركتها في مواجهة تنظيم الدولة»، 11/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/UJnlt
  • « الرسائل المتبادلة بين واشنطن وتنظيم الدولة»، 17/11/2014، برنامج « ما وراء الخبر»، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/ocW7C
  • « رمسفيلد: بوش أخطأ بغزوه العراق»، 6/6/2015، موقع الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/GxPgH
  • « روحاني يدعو لتجنب تدخل قوات أجنبية بالعراق وسوريا»، 9/12/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/3Uda
  • « سوريا تحذر من أي تدخل أجنبي بأراضيها»، 11/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/mmjMI
  • « سياسة واشنطن بسوريا والمنطقة أضعفت أميركا»، 28/11/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/9nkeJ
  • « صحف أميركية: إرسال قوات برية حتمي»، 28/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/A6oHw
  • « صحف أميركية تدعو لحملة فكرية ضد “التطرف العنيف“»، 19/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/AGytx
  • « صحف أمريكية تنتقد إستراتيجية أوباما تجاه تنظيم الدولة»، 15/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/pnL5v
  • « صحف بريطانية تحذر من حرب لا نهاية لها»، 1/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/LNSrB
  • « صحف غربية تعتبر سقوط الرمادي فشلا لأميركا»، 20 /5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/5GXJ
  • « صحف غربية: القتال ضد تنظيم الدولة حرب أفكار طويلة»، 29/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/r7qY
  • « صحف تنتقد إستراتيجية التحالف ضد تنظيم الدولة»، 11/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/5hc4y
  • « صحف تنتقد عدم فاعلية الحملة على تنظيم الدولة»، 8/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/HMws
  • « صحف: مطلوب من التحالف الانتصار لا العرض الجوي»، 18/10/2014،: موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/xkCI
  • « صحيفة: إستراتيجية أميركية جديدة بالمنطقة»، 7/7/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/vHSh
  • صمويل بيرغر,ستيفن هادليجيمس جيفريدينيس روس, و روبرت ساتلوف: « العناصر الرئيسية لإستراتيجية أمريكية في الشرق الأوسط»، نيسان/أبريل 2015، موقع «washingtoninstitute»، على الشبكة: http://cutt.us/6CBEk
  • عامر عبدالمنعم: « 700 مليون مسلم إرهابي ومتطرف! »، 20/2/2015، موقع « طريق الإسلام»، على الشبكة: http://cutt.us/BqiaD
  • « العموم البريطاني يناقش ضرب تنظيم الدولة بسوريا»، 3/7/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/ib9Za
  • « فورين بوليسي: أميركا توفر غطاءً جويا لتطهير عرقي بالعراق»، 30/3/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/NWpEl
  • « قراءات في خطاب أوباما لمواجهة تنظيم الدولة»، 11/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/W41v
  • « القضاء على تنظيم الدولة يتطلب ثلاث سنوات»، 8/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/lJbNc
  • « كاتب: يجب تغيير الإستراتيجية الأميركية ضد تنظيم الدولة»، 15/11/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/S4Wj
  • « كيري: المعركة ضد تنظيم الدولة طويلة ويجب إشراك السنة»، 13/6/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/DhDi
  • « كيري يدعو الكونغرس لإطلاق يد أوباما ضد تنظيم الدولة»، 10/12/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/FnxG
  • « كيري يسعى لبناء تحالف ضد تنظيم الدولة»، 9/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/k4cnO
  • « كيف فقد أوباما الشرق الأوسط؟»، 24/2/2016، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/yNQrt
  • « وزير أميركي: أزمة سوريا خطر على الأمن القومي»، 8/2/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/OPgE
  • « لجنة برلمانية: احتواء تنظيم الدولة الإسلامية هدف أكثر واقعية من القضاء عليه»، 5/2/2015، موقع وكالة « رويترز»: http://cutt.us/VItXO
  • « ماكين: إدارة أوباما ليس لديها إستراتيجية للقضاء على داعش»، 24/5/2015، موقع صحيفة « الشروق» المصرية، على الشبكة: http://cutt.us/ijt8y
  • « مشرعون يدعون الكونغرس لدعم الحرب ضد تنظيم الدولة»، 29/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/BTOju
  • « مشكلات العالم أكبر من قدرات أوباما»، 2014/11/27، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/HiiQm.
  • « مؤتمر باريس يدعم العراق في الحرب ضد تنظيم الدولة»، 2/6/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/1b1W
  • « نائبة جمهورية تدعو لتسليح مصر والأردن لقتال تنظيم الدولة»، 20/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/2k97
  • « نص شهادة وزير الدفاع الأمريكي حول طلب الرئيس التفويض باستخدام القوة العسكرية ضد داعش»، 11/3/2015، موقع « gov»، على الشبكة: http://cutt.us/jC4ML، فريق ترجمة موقع « راقب»، على الشبكة: http://cutt.us/GZAc
  • « هزيمة تنظيم الدولة قد تشتت المتطرفين بأنحاء العالم»، 30/5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/Zepkm
  • « هل للغرب دور في صناعة تنظيم الدولة؟»، 6/6/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/JDmRJ
  • « واشنطن بوست: إستراتيجية أميركا لدحر تنظيم الدولة هزيلة»، 16/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/Jdipb
  • « واشنطن تعلن تحالف 40 دولة ضد “تنظيم الدولة»، 9/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/vqYE
  • « واشنطن تعيد النظر في إستراتيجيتها بعد سقوط الرمادي»، 21/5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/EO3PO
  • « واشنطن تنفي التنسيق مع دمشق لمواجهة تنظيم الدولة»، 10/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/PLvT
  • « وزير الدفاع الأميركي: إستراتيجيتنا لقتال تنظيم الدولة سليمة»، 24/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/rAGT3
  • « وزير الدفاع الأمريكي: القوات العراقية لم تبد حماسا للقتال في الرمادي»، 25/5/2015، قناة « فرانس24»، على الشبكة: http://cutt.us/nPaO
  • « وزير الدفاع الأميركي يرحب باستضافة الكويت قوات أميركية»، 23/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/OIWy
 
ثانيا: مقالات بلغتها الأم
 
  • Kimberly Dozier : « العمليات الخاصة الأمريكية” تريد قتال داعش.. لكن إستراتيجية أوباما تقيدهم»، 22/5/2015، موقع « الديلي بيست»، على الشبكة: http://cutt.us/obw3f
  • Micah Zenko : « التطرف الأمريكي الخبيث في مواجهة الإرهاب الإسلامي»، 21/5/2015،: موقع « الفورين بوليسي»: http://cutt.us/moRf ، فريق ترجمة موقع « راقب»: http://cutt.us/xX2I
  • Nancy A. Youssef : « لا تغييرات في خطة أوباما ضد داعش وتوقعات سرية بتقسيم العراق»، 29/5/2015، موقع « الديلي بيست»، على الشبكة: http://cutt.us/Lg9sk
  • Peter Singer : « مقاومة التطرف الإسلامي»، 10/3/2015، موقع «project-syndicate»، على الشبكة: http://cutt.us/YEybG
وثائق ومصادر ومراجع الفصل الثاني
أولا: الوثائق
  • « استراتيجية الأمن القومي لسنة 2015»، موقع « levantri»، على الشبكة: http://cutt.us/9ztcH
  • تقرير « استراتيجية الأمن القومي الأمريكي لسنة 2010».
  • « تقرير الإستراتيجية العسكرية الوطنية الأمريكية لعام 2015 = Document: 2015 U.S. National Military Strategy»، هنا في موقع « usni»، على الشبكة: http://cutt.us/3zCwm
  • « شهادة الجنرال الأمريكي ويسلي كلارك»، مقابلة مع الصحفية Amy Goodman، موقع « يوتيوب – 20/3/2011»، على الشبكة: http://cutt.us/RVZqu، وكذلك رابط آخر بعنوان: «gegen den Irak, Iran, Syrien und Libyen seit langem geplant»: http://cutt.us/DpcGJ
ثانيا: مقالات ويوميات الصحافة الغربية
  • « إستراتيجية أميركية لحروب طويلة غير محددة حول العالم»، مجلة « فورين بوليس – 2/7/2015»، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/aiqRZ
  • « البنتاغون: روسيا أكبر خطر يهدد الأمن القومي الأميركي»، 4/2/2016، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/zt4q3
  • « البنتاغون يتجه لنشر قوة تدخل سريع بالشرق الأوسط»، 1/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/cVwtx
  • « البنتاغون يدعو إلى “صبر إستراتيجي” بمواجهة تنظيم الدولة»، 1/10/2014. لدى موقع « incanews»، على الشبكة: http://cutt.us/iMQP
  • « تنظيم الدولة يقلب استراتيجية الأمن القومي الأمريكي»، 7/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/wQ4H
  • « الشيوخ الأميركي يصادق على دانفورد رئيسا للأركان»، 30/7/2015، موقع وكالة « رويترز» البريطانية للأنباء: http://cutt.us/DRNxt
  • « صحيفة: أميركا تجر العالم إلى حرب مع روسيا»، 14/5/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/MqQ3I
  • « كاتب: واشنطن تعيد تقييم سياستها الخارجية»، عن صحيفة « الواشنطن بوست11/9/2015» الأمريكية، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/OCqFZ
  • « كلفة الحروب 14 ترليون دولار العام الماضي»، 18/6/2015، موقع « الجزيرة نت»، نقلا عن صحيفة « ديلي تلغراف» البريطانية، على الشبكة: http://cutt.us/NHV9B
  • « وزيرة أميركية: روسيا أكبر تهديد لأمننا»، 9/7/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/9SrTx
  • « وزير الدفاع الأميركي يستقيل وأوباما يشيد به»، 24/11/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/VWNyc
ثالثا: مقالات بلغتها الأم
  • Aaron Mehta: «Pentagon Releases National Military Strategy– 2/7/2015»، موقع « defensenews»، على الشبكة: http://cutt.us/1Eha2
  • Barack Obama on War & Peace، موقع « ontheissues»، على الشبكة: http://cutt.us/eS8zp
  • By Peter D. Feaver: « كيف تقرأ الاستراتيجية العسكرية الوطنية الجديدة لأمريكا – 6/7/2015»، موقع « foreignpolicy»، على الشبكة: http://cutt.us/1uFjA، فريق ترجمة موقع « راقب»: http://cutt.us/CSPN8
  • Falila Gbadamassi: « كيف استحق باراك أوباما في نهاية المطاف جائزة نوبل للسلام؟ – 3/8/2015»، موقع « geopolis»، على الشبكة: http://cutt.us/wFDQ
  • Joseph S. Nye: « هيمنة أم تفوق أمريكي؟ – 9/3/2015»، موقع « بروجيكت سينديكيت»، على الشبكة: http://cutt.us/ZI94
  • Ian Buruma : « أميركا ومعضلة المرحلة الإمبراطورية المتأخرة»، 6/6/2015، موقع « بروجيكت سينديكيت»، على الشبكة: http://cutt.us/TzsRz
  • Martin S. Indyk: « عودة إلى لعبة الشرق الأوسط – 17/2/2015»، موقع « ed »، على الشبكة: http://cutt.us/HhDFZ، فريق ترجمة موقع « راقب»: http://cutt.us/eM8h4
  • Mike Whitney : « استراتيجية البنتاجون لعام 2015 لحكم العالم – 3/7/2015»، موقع « globalresearch»، على الشبكة: http://cutt.us/iy2B5
  • Paul Craig Roberts: « البنتاجون: أمريكا لن تكون آمنة حتى تغزو العالم»، 10/7/2015، موقع « counterpunch»، على الشبكة: http://cutt.us/K8JGx
  • Peter Harris: « بانخفاض حجم الجيش: هل تنتهي الهيمنة الأمريكية؟ – 14/7/2015»، موقع « nationalinterest»، على الشبكة: http://cutt.us/TQs4J، فريق ترجمة موقع « راقب»: http://cutt.us/3dL77
[1] Joseph S. Nye: « هيمنة أم تفوق أمريكي؟ – 9/3/2015»، موقع « بروجيكت سينديكيت»، على الشبكة: http://cutt.us/ZI94
[2] تقرير « استراتيجية الأمن القومي الأمريكي لسنة 2010»
[3] « شهادة الجنرال الأمريكي ويسلي كلارك»، مقابلة مع الصحفية Amy Goodman، موقع « يوتيوب – 20/3/2011»، على الشبكة: http://cutt.us/RVZqu، وكذلك رابط آخر بعنوان:  «gegen den Irak, Iran, Syrien und Libyen seit langem geplant»: http://cutt.us/DpcGJ
[4] Martin S. Indyk: « عودة إلى لعبة الشرق الأوسط – 17/2/2015»، موقع « brookings.ed »، على الشبكة: http://cutt.us/HhDFZ، فريق ترجمة موقع « راقب»: http://cutt.us/eM8h4        
[5] Barack Obama on War & Peace، موقع « ontheissues»، على الشبكة: http://cutt.us/eS8zp
[6] هذا توصيف الكثير من الأمريكيين، ومن بينهم Paul Craig Roberts في مقالته: « البنتاجون: أمريكا لن تكون آمنة حتى تغزو العالم»، 10/7/2015، موقع « counterpunch»، على الشبكة: http://cutt.us/K8JGx
[7] في تعليقة على استقالة وزير الدفاع الأمريكي، تشاك هيغل، نقل مراسل قناة « الجزيرة» في العاصمة الأمريكية – واشنطن، عبد الرحيم فقراء، عن أن: « بعض المصادر نقلت عن هيغل امتعاضه من مجلس الأمن القومي لأن باراك أوباما يحيط نفسه بمن يوصفون بالموالين له تماما، ولفت إلى أن المصادر ذاتها أكدت أن هيغل كان “يعجز عن إيجاد صوته في مجلس الأمن القومي». للمتابعة: « وزير الدفاع الأميركي يستقيل وأوباما يشيد به»، 24/11/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/VWNyc
[8] By Peter D. Feaver: « كيف تقرأ الاستراتيجية العسكرية الوطنية الجديدة لأمريكا – 6/7/2015»، موقع « foreignpolicy»، على الشبكة: http://cutt.us/1uFjA، فريق ترجمة موقع « راقب»: http://cutt.us/CSPN8
[9] نص « استراتيجية الأمن القومي لسنة 2015»، موقع « levantri»، على الشبكة: http://cutt.us/9ztcH
[10] نقلت صحيفة « ديلي تلغراف» البريطانية عن « تقرير نشره معهد الشؤون الاقتصادية والسلام (IAB) »، أن أكثر من 14 ترليون$ تم إنفاقها على الصراعات المسلحة في العالم خلال سنة 2014، وأن هذا المبلغ يمثل نسبة 13% من الناتج الإجمالي العام في العالم. وأن التكلفة المذكورة تساوي تقريبا مجموع قيمة اقتصادات المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وكندا وإسبانيا والبرازيل. للمتابعة: « كلفة الحروب 14 ترليون دولار العام الماضي»، 18/6/2015، موقع « الجزيرة نت»، نقلا عن صحيفة « الديلي تلغراف» البريطانية، على الشبكة:  http://cutt.us/NHV9B
[11] يتحدث Peter Harris عن تداعيات خفض عدد الجيش على الهيمنة الأمريكية، وتوقفها عن خوض الحروب الشاملة بالقول: « في عهد الرئيس كينيدي، كان من المفترض أن يكون الجيش قادرًا على شن حربين ونصف على نطاق واسع في وقت واحد. وفي ثمانينيات القرن الماضي، وضع وزير الدفاع، كاسبر واينبرغر، خططًا استراتيجية لخوض ثلاث حروب ونصف الحرب في وقت واحد. لكن في عام 2010، أعلن روبرت غيتس أنّ الولايات المتحدة لم تعد مستعدة لخوض حربين في وقت واحد، وتفضل بدلًا من ذلك تنظيم نفسها لمواجهة التهديدات غير التقليدية مثل الأمن الإلكتروني والإرهاب. هذه الجاذبية البعيدة عن التخطيط للقتال والفوز بالحروب البرية الكبيرة سوف تزداد إذا تقلص حجم الجيش على نحوٍ غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية». يمكن الاطلاع على المزيد لدى: Peter Harris: « بانخفاض حجم الجيش: هل تنتهي الهيمنة الأمريكية؟ – 14/7/2015»، موقع « nationalinterest»، على الشبكة:  http://cutt.us/TQs4Jفريق ترجمة موقع « راقب»: http://cutt.us/3dL77
[12] في 30/9/2014 أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية ( البنتاغون) عن نيته نشر قوة مقاتلة من مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) في منطقة الشرق الأوسط تكون مهمتها التدخل السريع عند اندلاع أزمات في المنطقة. وبحسب  المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، فإن « وحدة التدخل هذه لن تكون مرتبطة بالعمليات الجارية في العراق» ضد « الدولة الإسلامية في الشام والعراق» بل ستكون مهمتها « التحرك في حال وقوع حدث غير متوقع». وبحسب ضابط في مشاة البحرية فإن القوة « ستتمركز في الكويت». وبدأت فكرة هذه الوحدات تشق طريقها لدى العسكريين الأمريكيين « بعد الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي الليبية في 11/9/2012. وللإشارة فثمة « قوة مماثلة تتمركز في إسبانيا، وأنشئت لتغطية منطقة أفريقيا». للمتابعة: « البنتاغون يتجه لنشر قوة تدخل سريع بالشرق الأوسط»، 1/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/cVwtx
[13] تشير Falila Gbadamassi في مقالتها: « كيف استحق باراك أوباما في نهاية المطاف جائزة نوبل للسلام؟ – 3/8/2015»، حول المحور الثالث بالذات، إلى أن أوباما: « استمرّ في تفضيل أشكال جديدة من التدخّل العسكري تشترك في خصوصية: جعل التدخّلات العسكرية الأمريكية أقلّ وضوحًا وأقل تكلّفة». وثمة استشهاد لها بـ « مايا كاندل» تقول فيه: « تتفق الاغتيالات المحدّدة واللجوء إلى القوّات الخاصّة وخيار الحرب الإلكترونية … جميعها فيما يمكن تسميته بفلسفة أوباما في السياسة   الخارجية ( القائمة على) جعل الزعامة الأمريكية “أكثر حذرًا وتواضعا” وفقًا لما وصفه المستشار الرئيس الّذي وضع عبارة « leading from behind»؛ لأنّ الأمريكيين أصبحوا على دراية بالتأثيرات ذات النتائج العسكرية من تواجدهم العسكري الهائل. وهذا ربما أهمّ درس مستفاد من الفشل العراقي- وتجنّب أي عملية بريّة هائلة جديدة في الشرق الأوسط» … موقع « geopolis»، على الشبكة: http://cutt.us/wFDQ
* من اللافت للانتباه أن عبارة « الصبر الإستراتيجي» استعملتها وزارة الدفاع الأميركية عبر المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، في 30/9/2014. أي قبل أكثر من أربعة شهور من استعمال الرئيس الأمريكي لها. وذلك في تعقيبها على الانتقادات التي تتعرض لها الحملة الجوية على العراق من قبل وسائل الإعلام الأمريكية. هنا: « البنتاغون يدعو إلى “صبر إستراتيجي” بمواجهة تنظيم الدولة»، 1/10/2014. لدى موقع « incanews»، على الشبكة: http://cutt.us/iMQP
[14] « تنظيم الدولة يقلب إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي، 7/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/wQ4H
[15] من الطريف حقا أن مثل هذه المصطلحات بالضبط استعملها رئيس الحكومة الإسبانية خوزيه لويس ثاباتيرو (23/12/2010) حين تجرأ على القول بأن: « بلاده تحتاج إلى خمس سنوات لتصحيح الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني وتحقيق الازدهار والرفاهية للشعب الاسباني». ومن الأطرف أن التصريحات جاءت بعد إقرار مجلس النواب الاسباني لقانون الميزانية العامة لسنة 2011، وهي السنة الأكثر تقشفا منذ بدء الأزمة الاقتصادية، والأعلى تخفيضا في مستوى الإنفاق العام بنسبة 7.9%، مقارنة بما كان عليه سنة  2010، فضلا عن بطالة في حينه وصلت إلى 20%، وهو ما ينذر بأن إسبانيا كانت على مقربة من الانفجار وليس الازدهار. وفعليا لم تمض بضعة شهور حتى تفجرت الاحتجاجات في أكثر من 160 ساحة مركزية في مختلف المدن الإسبانية، بما فيها العاصمة – مدريد.
[16] ففي مقالة له بصحيفة الـ « غارديان 14/5/2014» البريطانية، استشهد الكاتب البريطاني جون بيلغر، في مقالته بصحيفة الـ « غارديان 14/5/2014» بـ « موجز سجل السياسة الخارجية الأميركية» الذي ينشره كل عام المؤرخ الأميركي وليام بلوم، والذي يبرز محاولات الولايات المتحدة منذ عام 1945 للإطاحة بأكثر من خمسين حكومة، انتُخب كثير منها ديمقراطيا. مشيرا إلى أنها تدخلت بشكل فج في انتخابات ثلاثين دولة وقصفت السكان المدنيين في ثلاثين دولة أيضا، واستخدمت الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وحاولت اغتيال زعماء أجانب. وأن بريطانيا كانت معاونة لأميركا في كثير من الحالات. وختم بأن  =
=  وزارة الدفاع الأميركية تدير حاليا عمليات خاصة، حروبا سرية، في 124 دولة، بينما داخليا الفقر يزداد وضياع الحريات صار النتيجية الطبيعية التاريخية لدولة الحروب الأبدية ومخاطر حدوث حرب نووية. موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/MqQ3I
[17] Ian Buruma: « أميركا ومعضلة المرحلة الإمبراطورية المتأخرة»، 6/6/2015، موقع « بروجيكت سينديكيت»، على الشبكة: http://cutt.us/TzsRz
[18] « تقرير الإستراتيجية العسكرية الوطنية الأمريكية لعام 2015(= Document: 2015 U.S. National Military Strategy) »، هنا في موقع « news.usni»، على الشبكة: http://cutt.us/3zCwm
[19] « إستراتيجية أميركية لحروب طويلة غير محددة حول العالم»، مجلة « فورين بوليس – 2/7/2015»، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/aiqRZ
[20] Mike Whitney: « استراتيجية البنتاجون لعام 2015 لحكم العالم، 3/7/2015»، موقع « globalresearch»، على الشبكة: http://cutt.us/iy2B5
[21] Aaron Mehta: «Pentagon Releases National Military Strategy– 2/7/2015»، موقع « defensenews»، على الشبكة: http://cutt.us/1Eha2
[22]  في سياق العداء الجديد لروسيا، قالت وزيرة سلاح الجو الأميركي، ديبورا جيمس، في مقابلة لها مع وكالة « رويترز – 8/7/2015» البريطانية للأنباء: « أنا فعلا أعتبر روسيا أكبر تهديد»، وأن « مساعي واشنطن لنشر معدات عسكرية ثقيلة، بدول أوروبا الشرقية، خطوة “مهمة” في مواجهة أي تهديد روسي»، وأن « واشنطن ترد على تصرفات موسكو المثيرة للقلق»، ورأت، بعد جولة أوربية لها، أن « التحالف العسكري والتعهدات المرتبطة به يجب أن تكون لهما أولوية واضحة». للمتابعة: « وزيرة أميركية: روسيا أكبر تهديد لأمننا»، 9/7/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/9SrTx، ومن جهته، وبعد مصادرقة الكونغرس الأمريكي على تعيينه رئيسا لهيئة الأركان المشتركة، خلفا للجنرال مارتن ديمبسي، قال الجنرال جوزيف دانفورد، مخاطبا أعضاء مجلس الشيوخ خلال جلسة المصادقة على تعيينه: « إذا كنتم تريدون التحدث عن دولة يمكن =   =  أن تمثل خطرا وجوديا على الولايات المتحدة فإنني أشير إلى روسيا، وإذا نظرتم إلى سلوكهم فإن أقل وصف يمكن إطلاقه بشأنه هو أنه سلوك مثير للقلق»!!! للمتابعة: « الشيوخ الأميركي يصادق على دانفورد رئيسا للأركان»، 30/7/2015، موقع وكالة « رويترز» البريطانية للأنباء:  http://cutt.us/DRNxt. لم يتوقف الأمر عند ذلك. ووفقا لصحيفة « نيويورك تايمز – 4/2/2016» الأميركية، فقد « حددت وزارة الدفاع روسيا كأول مهدد للأمن القومي»، وأعلن وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، من جهته في 2/2/2016 عن « قائمة للدول الأكثر خطرا على الأمن القومي تضمنت الصين، وكوريا الشمالية وإيران وأخيرا “الإرهاب”، واقترح ميزانية لردع روسيا، تضاعف الإنفاق الأميركي في أوروبا أربع مرات في عام 2017، ليصل إلى 3.4 مليارات دولار بدلا من 789 مليونا فقط حاليا». وفي المقابل، « قلل البنتاغون من أخطار أخرى، خاصة خطر تنظيم الدولة الإسلامية». للنظر في: « البنتاغون: روسيا أكبر خطر يهدد الأمن القومي الأميركي»، 4/2/2016، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/zt4q3
[23] Paul Craig Roberts: « البنتاجون: أمريكا لن تكون آمنة حتى تغزو العالم – 10/7/2015»، مرجع سابق.
[24] « كاتب: واشنطن تعيد تقييم سياستها الخارجية»، عن صحيفة « الواشنطن بوست11/9/2015» الأمريكية، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/OCqFZ
[25] « كيف فقد أوباما الشرق الأوسط؟»، 24/2/2016، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/yNQrt
[26] « أوباما: على شركائنا السنّة التكيّف مع التغيير في علاقتنا بإيران»، شبكة « bloombergview – 5/3/2014»، واشنطن، تقرير: حسين عبدالحسين.
[27] « التوجه البراغماتي لأوباما تجاه سوريا»، 28/3/2013، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/RlIHs
[28] نفس المرجع.
[29] « دول عربية تعلن مشاركتها في مواجهة تنظيم الدولة»، 11/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/UJnlt
[30] نفس المرجع.
[31] « أوباما ينوي الدعوة لتحالف أوسع ضد تنظيم الدولة»، 20/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/z399
[32] « كيري يسعى لبناء تحالف ضد تنظيم الدولة»، 9/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/k4cnO
[33] « واشنطن تعلن تحالف 40 دولة ضد “تنظيم الدولة”»، 9/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/vqYE
[34] « سوريا تحذر من أي تدخل أجنبي بأراضيها»، 11/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/mmjMI
[35] « قراءات في خطاب أوباما لمواجهة تنظيم الدولة»، 11/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/W41v
* على أساس أن الخطة الثانية تشمل تدريب قوى محلية موالية للولايات المتحدة ومؤتمرة بأمرها.
[36] « أوباما يقر مساعدة عسكرية فورية للعراق»، 11/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/Xrfcr
[37] « أوباما يتجه لنشر مستشارين بالعراق والعبادي يرفض قوات أجنبية»، 18/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/fbRE
[38] نفس المرجع.
[39] « أوباما ينوي الدعوة لتحالف أوسع ضد تنظيم الدولة»، 20/9/2014، مرجع سابق.
[40] « نائبة جمهورية تدعو لتسليح مصر والأردن لقتال تنظيم الدولة»، 20/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/2k97
[41] « وزير الدفاع الأميركي يرحب باستضافة الكويت قوات أميركية»، 23/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/OIWy
[42] « أوباما يستبعد التحالف مع الأسد ضد تنظيم الدولة»، 16/11/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/9q8Y
[43] « الأسد: نتلقى رسائل من التحالف عبر طرف ثالث»، 10/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/wSPo
[44] « واشنطن تنفي التنسيق مع دمشق لمواجهة تنظيم الدولة»، 10/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/PLvT
[45] « إسرائيل تشارك بمحاربة تنظيم الدولة استخباريا»، 9/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/N79F
[46] نفس المرجع.
[47] أوباما: لن نسمح بإقامة خلافة في العراق وسوريا، 9/8/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/rUNf
[48] ثمة ملاحظة طريفة أوردها الباحث المصري عامر عبد المنعم حول تصريح الرئيس الأمريكي بأن بلاده « ليست في حرب مع مليار مسلم»، ( = « أوباما يدعو قادة العالم إلى التوحد ضد التطرف»، 19/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/luLg5). وكتب يقول: « شغلني منذ أمس دلالة الرقم، وقلت ربما يقصد التقليل من عدد المسلمين، لكن المفاجأة اليوم عندما زاد أوباما الأمر توضيحًا في كلمته الثانية عندما كرر الرقم، وقال: مليار على الأقل يمثلون الإسلام المتسامح، أي باقي المسلمين يحسبون في الخندق الذي تستهدفه الولايات المتحدة كمتطرفين وإرهابيين»! ثم يتساءل: « ما هو المعيار الذي بنى عليه أوباما هذا الرأي؟ وهل ستحارب أمريكا مئات الملايين من المسلمين باعتبارهم إرهابيين ومتطرفين؟». موقع « طريق الإسلام»: http://cutt.us/BqiaD
[49] كان هذا واضحا في تصريحات الرئيس الأمريكي حتى قبل انعقاد القمة بنحو أسبوعين حين علق قائلا بأن: « أعمال العنف التي وقعت مؤخرا في باريس وباكستان وسوريا وأماكن أخرى في أنحاء العالم تظهر أن العقيدة والدين يمكن تحريفهما لاستخدامهما سلاحا». راجع: « أوباما: تنظيم الدولة يرتكب أعمالا همجية باسم الدين»، 5/2/2015/ موقع وكالة « رويترز»:  http://cutt.us/t2O، وبالإضافة إلى مواعظ المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيجاي أدرعي، ومن قبله وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، في جيبوتي، تؤشر حقيقة على حجم الكارثة في المدى الذي وصلت إليه الوصاية الدولية على الدين الإسلامي والمسلمين!!!
[50] حتى إيران لا تختلف في رؤيتها عن رؤية أمريكا في هذا الشأن. وهو ما عبر عنه الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في كلمته الافتتاحية لمؤتمر طهران الذي عقد تحت شعار « عالم من دون العنف والتطرف»، بمشاركة ممثلين عن أربعين بلدا، قال فيه: « من الضروري تغيير النظام التربوي والتعليمي في المدارس الدينية، من أجل مكافحة كل التفسيرات المتطرفة والعنيفة للدين، وإظهار طبيعة الإسلام السمحة للعالم». راجع: « روحاني يدعو لتجنب تدخل قوات أجنبية بالعراق وسوريا»، 9/12/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/3Uda
[51] « أوباما يدعو قادة العالم إلى التوحد ضد التطرف»، مرجع سابق.
[52] جون كيري( وزير الخارجية الأميركي): « صعود التطرف يمثل تحديًا لنا جميعا»، 19 /2/2015، موقع صحيفة « الشرق الأوسط»، على الشبكة:  http://cutt.us/nxzJ
[53] « صحف أميركية تدعو لحملة فكرية ضد “التطرف العنيف”»، 19/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/AGytx
[54] Peter Singer: « مقاومة التطرف الإسلامي»، 10/3/2015، موقع «project-syndicate»، على الشبكة: http://cutt.us/YEybG
[55] « أوباما للكونغرس: لدينا التفويض بإجراءات تدمير تنظيم الدولة»، 11/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/1ZaUP
[56] « مشرعون يدعون الكونغرس لدعم الحرب ضد تنظيم الدولة»، 29/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/BTOju
[57] « كاتب: يجب تغيير الإستراتيجية الأميركية ضد تنظيم الدولة»، 15/11/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/S4Wj
[58] « كيري يدعو الكونغرس لإطلاق يد أوباما ضد تنظيم الدولة»، 10/12/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/FnxG
[59] « أوباما يطالب الكونغرس بقانون يجيز القوة ضد تنظيم الدولة»، 21/1/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/Pbkk
[60] « خلافات بالكونغرس تعقد تفويض أوباما محاربة تنظيم الدولة»، 12/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/08Qbb
[61] « نص شهادة وزير الدفاع الأمريكي حول طلب الرئيس التفويض باستخدام القوة العسكرية ضد داعش»، 11/3/2015، موقع « defense.gov»، على الشبكة: http://cutt.us/jC4ML، فريق ترجمة موقع « راقب»، على الشبكة: http://cutt.us/GZAc
[62] جنيفر روبين: « ما مدى جدية أوباما لمواجهة تنظيم الدولة؟»، 11/9/2014، « واشنطن بوست»، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/k4pbe
[63] من الجدير بالذكر أن وزير الداخلية الأمريكية، جيه جونسون، قد قال في أول خطاب سياسي له منذ توليه منصبه في ديسمبر/ كانون الأول أن: « سوريا أصبحت قضية تهم الأمن الداخلي». وفي كلمة له بتاريخ ألقاها في مركز « وودرو ويلسون7/2/2014»، عقب عودته من اجتماع عقد في بولندا لوزراء داخلية فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وبولندا، أن: =
=   « التركيز قائم حاليا على مسألة المقاتلين الأجانب الذين يتوجهون إلى سوريا»، وأننا: « لسنا وحدنا قلقين. إن حلفاءنا الأوروبيين قلقون جدا ونحن مصممون بشكل جماعي على القيام بما يلزم»، موضحا أن « مديري وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والشرطة الفدرالية يتشاركان أيضا في هذا القلق». للمتابعة في: « وزير أميركي: أزمة سوريا خطر على الأمن القومي»، 8/2/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/OPgE
[64] « مشكلات العالم أكبر من قدرات أوباما»، 2014/11/27، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/HiiQm
[65] « واشنطن بوست: إستراتيجية أميركا لدحر تنظيم الدولة هزيلة»، 16/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/Jdipb
[66] كررت الصحيفة ذات الموقف في افتتاحية 21/9/2014: بالإشارة إلى: « إمكانية ائتلاف أعداء الماضي من أجل مواجهة عدو مشترك، وأن إيران قد تشترك في مهمة مقاتلة تنظيم الدولة إلى جانب الولايات المتحدة والسعودية ودول أخرى». للمتابعة: « انتقاد إستراتيجية أوباما لمواجهة تنظيم الدولة»، 21/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/4gcHc
[67]« تباين أميركي رسمي بشأن قتال تنظيم الدولة»، 18/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/qgiba
[68] « انتقاد إستراتيجية أوباما لمواجهة تنظيم الدولة»، 21/9/2014، مرجع سابق.
[69] « صحف أميركية: إرسال قوات برية حتمي»، 28/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/A6oHw
* صدرت في 6/2/2015.
[70] « البنتاغون يدعو إلى صبر إستراتيجي بمواجهة تنظيم الدولة»، 1/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/nfJwX
[71] « انتقادات لأوباما وتحذير من حرب طويلة على تنظيم الدولة»، 4/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/yDYYO
[72] « مشكلات العالم أكبر من قدرات أوباما»، 2014/11/27، مرجع سابق.
[73] « سياسة واشنطن بسوريا والمنطقة أضعفت أميركا»، 28/11/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/9nkeJ
[74] « أوباما: لم نخسر الحرب وسقوط الرمادي انتكاسة تكتيكية»، 22/5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/TLEJ
[75] « وزير الدفاع الأمريكي: القوات العراقية لم تبد حماسا للقتال في الرمادي»، 25/5/2015، قناة « فرانس24»، على الشبكة: http://cutt.us/nPaO
[76] « جنرال إيراني: أميركا تتقاعس بحربها على تنظيم الدولة»، 25/5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/YpQkX
[77] « صحف أمريكية تنتقد إستراتيجية أوباما تجاه تنظيم الدولة»، 15/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/pnL5v
[78] ذات الرأي عبر عنه السناتوران الجمهوريان جون ماكين وليندسي غراهام في مقالة مشتركة في صحيفة « وول ستريت    =
=    جورنال – 7/10/2014»، للمتابعة: « دعوة لنشر قوات برية لعدم كفاية غارات التحالف»، 7/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/DIpVL
[79] « خيارات التحالف الدولي لمواجهة تنظيم الدولة»، 5/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/sXO5R
[80] « البحث عن إستراتيجية في سوريا والعراق»، 20/6/2015، موقع « mebriefing»، على الشبكة: http://mebriefing.com/?p=1758
[81] « صحف تنتقد عدم فاعلية الحملة على تنظيم الدولة»، 8/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/HMws
[82] « دعوة لنشر قوات برية لعدم كفاية غارات التحالف»، 7/10/2014، مرجع سابق.
[83] « صحف تنتقد إستراتيجية التحالف ضد تنظيم الدولة»، 11/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/5hc4y
[84] « صحف غربية: القتال ضد تنظيم الدولة حرب أفكار طويلة»، 29/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/r7qY
[85] « صحف: مطلوب من التحالف الانتصار لا العرض الجوي»، 18/10/2014،: موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/xkCI
[86] Nancy A. Youssef: « لا تغييرات في خطة أوباما ضد داعش وتوقعات سرية بتقسيم العراق»، 29/5/2015، موقع « الديلي بيست»، على الشبكة: http://cutt.us/Lg9sk
[87] لاحظ الكاتب ديفيد إغناتيوس في مقالته في « الواشنطن بوست – 29/5/2015» لاحقا أن: « سقوط الرمادي (17/5/2015) بأيدي تنظيم الدولة مرده إلى النقص في المعلومات المخابراتية، وأن الولايات المتحدة لا تعرف الكثير عن التنظيم كي تتمكن من مواجهته بشكل فاعل، وأن هذا العجز الاستخباري يؤثر على الجيش الأميركي وعلى وكالة المخابرات المركزية الأميركية وغيرها من الوكالات». ولحل معضلة المعلومات دعا إغناتيوس وكالة المخابرات الأمريكية إلى: « بناء شبكات تجسس داخل تنظيم الدولة نفسه، وأوضح أن تجنيد الجهاديين ليست مهمة مستحيلة، وأشار إلى ضرورة نشر ضباط أميركيين مدربين جيدا في الخطوط الأمامية لتشديد المواجهة ضد تنظيم الدولة». راجع: « دعوات لأميركا إلى دعم العراق لمواجهة تنظيم الدولة»، 29/5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/uL53
[88] « الحملة الجوية غير كافية لمواجهة تنظيم الدولة»، 13/12/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/k4YtN
[89] « لجنة برلمانية: احتواء تنظيم الدولة الإسلامية هدف أكثر واقعية من القضاء عليه»، 5/2/2015، موقع وكالة « رويترز»: http://cutt.us/VItXO
[90] « وزير الدفاع الأميركي: إستراتيجيتنا لقتال تنظيم الدولة سليمة»، 24/2/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/rAGT3
[91] صمويل بيرغرستيفن هادليجيمس جيفريدينيس روس, و روبرت ساتلوف: « العناصر الرئيسية لإستراتيجية أمريكية في الشرق الأوسط»، نيسان/أبريل 2015، موقع «washingtoninstitute»، على الشبكة: http://cutt.us/6CBEk
[92] « آراء متباينة بالصحف الأميركية عن تقدم تنظيم الدولة»، 22/5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/bHmEe
[93] « صحف غربية تعتبر سقوط الرمادي فشلا لأميركا»، 20 /5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/5GXJ
[94] « البحث عن إستراتيجية في سوريا والعراق»، 20/6/2015، مرجع سابق.
* وحتى بانتزاعها ثانية من قبضة « الدولة» في ربيع العام 2016
[95] « واشنطن تعيد النظر في إستراتيجيتها بعد سقوط الرمادي»، 21/5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/EO3PO
[96] « ماكين: إدارة أوباما ليس لديها إستراتيجية للقضاء على “داعش”»، 24/5/2015، موقع صحيفة « الشروق» المصرية، على الشبكة:  http://cutt.us/ijt8y
[97] «”  أوباما” لا يزال يدافع عن إستراتيجيته بالرغم من التقدم الذي تحرزه “داعش”»، 23/5/2015: موقع صحيفة « لوموند الشرق الأوسط» الفرنسية، على الشبكة: http://cutt.us/xZa1
[98] Micah Zenko: « التطرف الأمريكي الخبيث في مواجهة الإرهاب الإسلامي»، 21/5/2015،: موقع « الفورين بوليسي»:
http://cutt.us/moRf ، فريق ترجمة موقع « راقب»:  http://cutt.us/xX2I
[99] Nancy A. Youssef: « لا تغييرات في خطة أوباما ضد داعش وتوقعات سرية بتقسيم العراق»، مرجع سابق.
[100] « هزيمة تنظيم الدولة قد تشتت المتطرفين بأنحاء العالم»، 30/5/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/Zepkm
[101] « صحيفة: إستراتيجية أميركية جديدة بالمنطقة»، 7/7/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/vHSh
[102] « جنرال روسي للأميركيين: غادروا سوريا فورا.. سنبدأ القصف»، 1/10/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/xDtm
[103] « القضاء على تنظيم الدولة يتطلب ثلاث سنوات»، 8/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/lJbNc
[104] « صحف أميركية تنتقد إستراتيجية أوباما تجاه تنظيم الدولة»، 15/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/8xWr
[105] « صحف غربية: القتال ضد تنظيم الدولة حرب أفكار طويلة»، 29/9/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/LHkJ
[106] « صحف بريطانية تحذر من حرب لا نهاية لها»، 1/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/LNSrB
[107] « انتقادات لإستراتيجية أوباما لمواجهة تنظيم الدولة»، 6/10/2014، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/30AD
[108] « الرسائل المتبادلة بين واشنطن وتنظيم الدولة»، 17/11/2014، برنامج  « ما وراء الخبر»، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/ocW7C
[109] « التحالف الدولي يؤكد بدء النجاح ضد تنظيم الدولة»، 3/12/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/tsuT7
[110] « جنرال أميركي: المعركة مع تنظيم الدولة تحتاج ثلاث سنوات»، 18/1/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/ULXpB
[111] « التقديرات الأميركية لأمد الحملة ضد تنظيم الدولة»، 5/3/2015، برنامج « ما وراء الخبر»، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/1BC7E
[112] « بريطانيا: عامان ليطرد التحالف تنظيم الدولة من العراق»، 22/1/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة:  http://cutt.us/Yq86x
[113] « “العموم البريطاني” يناقش ضرب تنظيم الدولة بسوريا»، 3/7/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/ib9Za
[114] « مؤتمر باريس يدعم العراق في الحرب ضد تنظيم الدولة»، 2/6/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/1b1W
[115] « رمسفيلد: بوش أخطأ بغزوه العراق»، 2015/6/6، موقع الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/GxPgH
[116] « كيري: المعركة ضد تنظيم الدولة طويلة ويجب إشراك السنة»، 13/6/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/DhDi
[117] « أوباما: هزيمة تنظيم الدولة لن تتم بسرعة»، 6/7/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/jz7Jc
[118] « إستراتيجية أميركية لحروب طويلة غير محددة حول العالم»، 2/7/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/snqg
[119] Walter Pincus : « تقييم الجنرال مارتن ديمبسي للأوضاع في الشرق الأوسط»، 13/7/2015، موقع صحيفة «washingtonpost»، على الشبكة: http://cutt.us/q1RYT
[120] Micah Zenko: « التطرف الأمريكي الخبيث في مواجهة الإرهاب الإسلامي»، 21/5/2015، مرجع سابق.
[121] Kimberly Dozier: « العمليات الخاصة الأمريكية” تريد قتال داعش.. لكن إستراتيجية أوباما تقيدهم»، 22/5/2015، موقع « الديلي بيست»، على الشبكة:  http://cutt.us/obw3f
[122] « فورين بوليسي: أميركا توفر غطاءً جويا لتطهير عرقي بالعراق»، 30/3/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/NWpEl
[123] « هل للغرب دور في صناعة تنظيم الدولة؟»، 6/6/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/JDmRJ
[124] « تنظيم الدولة يكشف حدود التباين الروسي الأميركي»، 26/4/2015، موقع « الجزيرة نت»، على الشبكة: http://cutt.us/2mmq8

 

 

حمل دراسة الاستراتيجيات الأمريكية والتحالفات الدولية

‎إضافة تعليق

You may also like

مرابط النظام الدولي